responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 10  صفحه : 429

وسار الموكب الرهيب يخترق سوق الحميدية حتى الدرويشية فالسنانية فإلى امام الباب الصغير.
تطويف النعش في مقابر آل البيت.
وفي الساعة الثانية والنصف تقريبا انزل النعش من السيارة البيضاء محمولا على الأكف ووراءه كبار رجال الطائفة الجعفرية وجماهير من المشيعين وطيف به على السادة الاطهار الأبرار الشهداء آل البيت رضوان الله عليهم المدفونين في تربة الباب الصغير وبعد هذا الطواف وقراءة الفاتحة وما تيسر من القرآن أعيد النعش إلى السيارة الواقفة امام مخفر الشيخ حسن فمشت تخترق شارع الميدان وخلفها لا أقل من ألفي سيارة تحمل كبار المشيعين وكبار وفود لبنان وجبل عامل.
الموكب يخترق حي الميدان وكان سكان حي الميدان قد وقفوا امام محلاتهم وعلى الأرصفة يشيعون الموكب ويلقون آخر نظرة على الفقيد الغالي.
إلى قرية قبر الست ثم اخترق الميدان إلى قرية قبر الست الواقعة في ضواحي دمشق الشرقية الجنوبية.
النعش أمام قبر السيدة زينب وعند ما وصل الموكب إلى قبر السيدة زينب هبط كبار المشيعين من سياراتهم وطيف بالنعش الكريم ثم وضع امام قبر السيدة زينب بنت علي وفاطمة البتول وقرئت الفاتحة وما تيسر من القرآن الكريم.
النعش في اللحد الأخير ثم حمل النعش إلى القبر المخصص للفقيد الواقع في الساحة عند مدخل الباب الكبير ودفن بين الدموع والحسرات والزفرات.
وقد دفن معه الأقلام والمحبرة والعوينات كما اوصى.
ونشرت الجريدة نفسها، في صفحتها الأولى أيضا نص الخطاب الذي ألقاه الشيخ علي الجمال نيابة عن الشيخ احمد صندوق أمام الجثمان قبل ان يتحرك موكب التشييع من المدرسة المحسنية إلى مرقده الأخير في مقام السيدة زينب، وقالت الجريدة عن هذا الخطاب انه أبكى العيون من الحزن واللوعة على الفقيد الغالي.
خطاب المربي الكبير الأستاذ احمد صندوق : سألونا ان كيف نحن فقلنا * من هوى نجمه فكيف يكون نحن قوم أصابنا حدث الدهر * فظللنا لريبه نستكين نتمنى من الأمين إيابا * لهف نفسي وأين منا الأمين أجل هكذا فليكن غروب الشموس، بين سفر مسطور ورق منشور، وكاغد ومداد وأقلام حداد فمن ذا الذي حيي حياة الأمين، ومن ذا الذي مات ممات الأمين.
ولكن دعوني أتساءل:
أ لم يرع الاسلام موت نصيره * بل حق ان يرتاع من مات ناصره أ في مثل هذه الظروف العصيبة والأفق يبرق ويرعد والعاصفة تثور والفتن كقطع السحاب والأعداء محكمة أمورها تتواثب كالذئاب متحلبة الأفواه بادية الأطماع كاشفة القناع يخلي الليث عرينه موطئا للطامعين ويترك أشباله طعمة للآكلين.
الآن ونحن أحوج ما نكون إلى العلماء العاملين والعبقرية الجبارة والمثالية المحضة والعقول المفكرة والربابنة الماهرة يقودون سفينة حياتنا إلى شاطئ الأمن نصاب بالسابق المجلي آية الله في الأرض وحجته على الخلق... سيد ربيعة ومضر، حفيد خاتم الأنبياء، وسليل سيد الأوصياء، ويعسوب الأتقياء، وعميد من أنجبت البضعة الزهراء، الامام المحسن الأورع، والشجاع المعلم الأروع، هذا الذي حمل لواء الشريعة الغراء، فكان نعم الحامل، وسار به قدما سير آبائه الأئمة الطاهرين، على السنن الواضح، والمحجة البيضاء، وشق طريقه بين أعاصير الكائدين والعابثين، فأتم الله نوره على كره منهم وكشف عن مكنون ذخائرها، ونفى عنها الأدران والأوشاب، وأبرزها للملأ ناصعة سهلة سمحاء، تدعو إلى التالف والتعاون على البر والتقوى، والتنافس في فعل الخيرات ومكارم الأخلاق ، فتوحيد الله منبثق عنه توحيد الكلمة والصفوف... ثم العزة والقوة، وكل ما فيه سعادة الدنيا والآخرة.
نعم هكذا فليكن غروب الشموس. لقد ماجد فمجد، وقارع فقرع، وصاول حتى لم يجد من مصاول وناضل حتى لم يجد من يناضل، كل ذلك بلسان هو العذب الزلال، وبيان هو السحر الحلال، تتفجر الحكمة من جوانبه، ويشع نور الحق من اكنافه. لا لغاية الا رفاهية الإنسانية، ووجه الله، وخدمة الحق.
فمن ذا الذي حيي حياة الأمين ومن ذا الذي مات ممات الأمين.
وأنت يا مولاي: ان لساني لا يطاوعني لاقول: أيها الراحل الكريم فالراحل غيرك لا أنت. أنت الخالد المقيم في سويداء القلوب وحبات الأحداق. أنت الخالد في النفوس والأفكار خلودك في ملكوت السماوات.
أنت الخالد في آثارك، في فتأواك في أسفارك وتصانيفك، في معاهدك التي أنشأتها. في جمعياتك التي ألفتها، في هذا الحي الذي نفخت فيه روح النهضة، في هذا الشباب الذي رفعته إلى قمة المجد، في هذا النش ء الذي كفلته ورعيته وهذبته وثقفته. في كل ما قدمت من اعمال صالحة. في كل ما قمت به من مشاريع نافعة.
أجل... ان خلودك ليتمرد على الزمن ولن يتطرق إليه الوهن. فإذا استطاع الدهر يوما ان يعبث بهرم خوفو الأكبر وتمثال أبي الهول وما إلى ذلك من آثار كل عظيم. فان ذكرك ليعجزه على حوله وطوله ان يعفي آثاره أو يطفئ انواره.
سيدي: لقد فدح الخطب فاستطير اللب وارتج على البيان فكبا القلم وعثر اللسان. ومثلك لا يبكى بالدموع ولا يرثى بالشفاه ولا توفيه

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 10  صفحه : 429
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست