responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 10  صفحه : 251

تقرب من القاهرة.
وصار يزدجرد يجمع من أنحاء مختلفة جيوشا كثيرة، لتقف أمام المسلمين، وتحمى بقية فارس من زحفهم.
فأرسل سعد بن أبي وقاص إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يخبره بذلك. فكتب إليه عمر يطلب منه أن يقيم هو بالمدائن، وأن يبعث ابن أخيه هاشم بن عتبة أميرا على الجيش الذي يبعثه إلى جيوش كسرى في جلولاء وعين له جماعة من فرسان المسلمين يكونون معه.
فبعث سعد مع ابن أخيه جيشا يقارب اثني عشر ألفا. فيهم بعض من سادات المسلمين ووجوه المهاجرين والأنصار وأعلام العرب.
وكانت جيوش الفرس بجلولاء قد حفرت الخنادق حولها، فحاصرهم هاشم بن عتبة، وكانوا يخرجون من البلد للقتال، فيقاتلون قتالا شديدا لم يسمع مثله، وجعل كسرى يبعث إليهم الأمداد، وكذلك كان سعد بن أبي وقاص يبعث مددا إلى ابن أخيه مرة بعد أخرى. والقتال يشتد، وقام هاشم في الناس فخطبهم أكثر من مرة، فحرضهم على القتال. والتوكل على الله ثم يقول: إن هذا المنزل منزل له ما بعده، ويقول لهم: أبلوا الله بلاء حسنا يتم لكم عليه الأجر والمغنم واعملوا لله.
أما الفرس فقد تعاقدوا وتعاهدوا، وحلفوا بالنار التي يعبدونها أنهم لن يفروا أبدا حتى يفنوا العرب، ولهذا شهدت جلولاء معارك لم يسبق لها مثيل في الهجوم والدفاع والاستبسال، وأخيرا أذن الله بالنصر، فبعد حوالي ثمانين معركة، في أيام مختلفة، انتصر المسلمون، واقتحموا الخندق، من الطريق الذي كان يخرج منه جيش الفرس ليقاتل المسلمين، وأصاب الله المشركين بالذعر، فاندفعوا متفرقين، يحاولون الهرب، فكانت خنادقهم سببا في هلاك كثير منهم، إذ تساقطوا فيها أكداسا، وكانوا أيضا قد بذروا في الأرض عند الخندق من جهتهم قطعا من حديد لها أسنان كالمسامير لتصيب خيل المسلمين إذا هم استطاعوا أن يجتازوه بمعابر في ساعة غفلة، فكانت هذه المسامير سببا في إصابة كثير من خيل الفرس، وهي تتجه هاربة بعد الهزيمة بمن عليها، فيتساقطون تحت اقدامها صرعى، حينما تكبو بهم وهي مندفعة في هربهم، وفتح الله جلولاء، وكانت هي الضربة القاضية على آل الفرس في الوقوف أمام المسلمين، ولهذا سميت وقعة جلولاء فتح الفتوح، قيل إنه قتل فيها من الفرس حوالي مائة ألف، وظفر المسلمون بغنائم لا تحصى.
وكان بين فتح المدائن وفتح جلولاء حوالي تسعة أشهر.
وقال في ذلك هاشم بن عتبة:
يوم جلولاء ويوم رستم * ويوم زحف الكوفة المقدم ويوم عرض النهر المحرم * من بين أيام خلون صرم شيبن أصداغي فهن هرم * مثل ثغام البلد المحرم [1] وذكر نصر بن مزاحم في كتاب صفين أنه لما أراد علي ع المسير إلى صفين دعا إليه من كان معه من المهاجرين والأنصار فخطبهم واستشارهم فقام هاشم بن عتبة بن أبي وقاص فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد يا أمير المؤمنين فانا بالقوم جد خبير هم لك ولأشياعك أعداء وهم لمن يطلب حرث الدنيا أولياء وهم مقاتلوك ومجاهدوك لا يبقون جهدا مشاحة على الدنيا وضنا بما في أيديهم منها وليس لهم أربة غيرها الا ما يخدعون به الجهال من الطلب بدم عثمان بن عفان كذبوا ليس بدمه يثارون ولكن الدنيا يطلبون فسر بنا إليهم فان أجابوا إلى الحق فليس بعد الحق الا الضلال وإن أبوا إلا الشقاق فذلك الظن بهم والله ما أراهم يبايعون وفيهم أحد ممن يطاع إذا نهى ويسمع إذا أمر. وذكر نصر أيضا أن زياد بن النضر الحارثي قال لعبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي لما عزم أمير المؤمنين ع على المسير إلى صفين أن يومنا ويومهم ليوم عصيب ما يصبر عليه الا كل مشيع القلب صادق النية رابط الجاش وأيم الله ما أظن ذلك اليوم يبقي منا ومنهم إلا الرذال قال عبد الله بن بديل وإنا والله أظن ذلك فقال علي ليكن هذا الكلام مخزونا في صدوركما لا تظهراه ولا يسمعه منكما سامع إن الله كتب القتل على قوم والموت على آخرين وكل آتيه منيته كما كتب الله له فطوبى للمجاهدين في سبيل الله والمقتولين في طاعته فلما سمع هاشم بن عتبة مقالتهم قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال سر بنا يا أمير المؤمنين إلى هؤلاء القوم القاسية قلوبهم الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم وعملوا في عباد الله بغير رضا الله فأحلوا حرامه وحرموا حلاله واستولاهم الشيطان ووعدهم الأباطيل ومناهم الأماني حتى ازاغهم عن الهدى وقصد بهم قصد الردى وحبب إليهم الدنيا فهم يقاتلون على دنياهم رغبة فيها كرغبتنا في الآخرة انجازنا موعود ربنا وأنت يا أمير المؤمنين أقرب الناس من رسول الله ص رحما وأفضل الناس سابقة وقدما وهم يا أمير المؤمنين يعلمون منك مثل الذي علمنا ولكن كتب عليهم الشقاء ومالت بهم الأهواء وكانوا ظالمين فأيدينا مبسوطة لك بالسمع والطاعة وقلوبنا منشرحة لك ببذل النصيحة وأنفسنا بنورك جذلة على من خالفك وتولى الأمر دونك والله ما أحب أن لي ما في الأرض مما أقلت وما تحت السماء مما أظلت وأني واليت عدوا لك أو عاديت وليا لك فقال علي اللهم ارزقه الشهادة في سبيلك والمرافقة لنبيك ص. وقال نصر: دعا علي هاشم بن عتبة ومعه لواؤه وكان أعور فقال له يا هاشم حتى متى تأكل الخبز وتشرب الماء فقال هاشم لأجهدن أن لا أرجع إليك أبدا قال علي إن بإزائك ذا الكلاع وعنده الموت الأحمر فتقدم هاشم فلما أقبل قال معاوية من هذا المقبل فقيل هاشم المرقال فقال أعور بني زهرة قاتله الله وقال أن حماة اللواء ربيعة فأجيلوا القداح فمن خرج سهمه عبيته لهم فخرج سهم ذي القلاع بكر بن وائل فقال ترحك اللهم من سهم وكان جل أصحاب علي أهل اللواء من ربيعة لأنه أمر حماة منهم أن يحاموا عن اللواء فاقبل هاشم وهو يقول:
أعور يبغي نفسه خلاصا * مثل الفنيق لا يساد لاصا قد جرب الحرب ولا اناص * لا دية يخشى ولا قصاصا كل امرئ وإن كبا وحاص * ليس يرى من موته مناصا وحمل صاحب لواء ذي الكلاع وهو رجل من عذرة وهو يقول:
يا أعور العين وما بي من عور * أثبت فاني لست من فرعي مضر نحن اليمانون وما فينا خور * كيف ترى وقع غلام من عذر ينعي ابن عفان ويلحى من غدر * سيان عندي من سعى ومن أمر فاختلفا طعنتين فطعنه هاشم فقتله. وقال نصر في كتاب صفين أن معاوية لما تعاظمت عليه الأمور بصفين جمع خواص أصحابه فقال لهم أنه قد غمني رجال من أصحاب علي وعد منهم المرقال وهم خمسة وعبا لكل واحد رجلا من أصحابه فكان عمرو بن العاص بإزاء المرقال فخرج عمرو وهو يقول:
لا عيش إن لم ألق يوما هاشما * ذاك الذي أقام لي المأتما ذاك الذي يشتم عرضي ظالما * ذاك الذي إن ينج مني سالما يكن شجا حتى الممات لازما فطعن في أعراض الخيل مزبدا فحمل هاشم وهو يقول:
لا عيش إن لم ألق يومي عمرا * ذاك الذي أحدث فينا الغدرا

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 10  صفحه : 251
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست