نام کتاب : ثورة الحسين ظروفها الإجتماعيّة وآثارها الإنسانيّة نویسنده : شمس الدين، الشيخ محمد مهدي جلد : 1 صفحه : 47
وقال في موضع آخر :
«... فلمّا ولي عثمان خلى عنهم ، فاضطربوا
في البلاد ، وانقطع إليهم الناس ...» [١].
* * *
فإذا لاحظنا أنّ عثمان فتح باب الهجرة
أمام قريش فانساحوا في البلاد يستصلحون الأموال ، ويُكوّنون الثروات ، ويجمعون
حولهم الأنصار بالمال ، والأصهار إلى قبائل العرب ، وبسمعتهم الدينية التي جاءتهم
من صحبتهم للنبي صلىاللهعليهوآله
، وسبقهم إلى الإسلام ، وجهادهم في سبيله. وإنّ سلوك عمّال عثمان على الأمصار
الكبرى ، وسلوك عثمان نفسه في المدينة مع ناصحيه والمشفقين عليه ، وعلى الناس من
سلوكه ، كان يُقدّم للمسلمين أسباب التذمّر والشكوى ، وأنّ هؤلاء الصحابة من قريش
كانوا يرون هذا ويسمعونه ويشاركون فيه ، فإذا أضفنا إلى ذلك ما خلّفه تدبير
الشّورى لدى هؤلاء من طموح إلى الخلافة ، وسعي في سبيلها ... إذا لاحظنا هذا كلّه
اتّسقت لأعيننا الخطوط البارزة ، والعوامل الأساسية في ثورة المسلمين على عثمان
وعلى عهده :
طبقة ارستقراطية دينية كوّنتها السقيفة
بما بعثت من مركز قريش ، غدت ـ بالإضافة إلى ارستقراطيتها الدينية ـ تتمتّع بثروات
طائلة بسبب مبدأ التفضيل في العطاء ، وسياسة عثمان في المال ، والأرض ، والهجرة ،
وقد كوّن مبدأ الشّورى في نفوس كثير من أفرادها الطموح إلى الحكم ممّا دفعهم إلى
استغلال كلّ الظروف المواتية للوصول إلى هذا الهدف ، يُقابل هذه الطبقة طبقة
المحاربين والمسلمين الجُدد المحرومة من كافة الامتيازات ، والتي كانت أسباب
تذمّرها مُتوفّرة.