نام کتاب : ثورة الحسين ظروفها الإجتماعيّة وآثارها الإنسانيّة نویسنده : شمس الدين، الشيخ محمد مهدي جلد : 1 صفحه : 48
لقد كانت جماهير المحاربين هي مادة
الثورة ، أمّا وقودها فهو تصرّفات عثمان وولاته وآل بيته ، وأمّا الذي أجّجها فهم
أصحاب المصلحة فيها. هم هؤلاء الزعماء الذين أوتوا من الطموح ما جعل الخلافة هدفهم
، ومن المال والمنزلة الدينية ما مكّنهم من جمع الأنصار حولهم ، ومن سوء الأوضاع
ما سهّل عليهم أن يعدّوا الناس بخير ممّا هم فيه.
* * *
وقد تمخّضت هذه الملابسات والظروف
السيئة عن حركة عامّة ، إن فقدت النظام بالمعنى الحزبي الدقيق ، فإنّها لم تفقد
وحدة الأفكار الدافعة ، والأهداف المشتركة.
وقد سلك عثمان وبطانته من الاُمويِّين
والمنتفعين تجاه هذه الحركة سلوكاً بعيداً عن الحكمة والعدل ؛ فبدلاً من أن تُجاب
مطالب الثوّار رُدوا بعنف ، واستُهين بهم ، وجوبهوا بسياسة قاسية هي هذه السياسة
التي تمخّض عنها مؤتمر عثمان مع عمّاله على الأمصار ، والتي قدّم لنا الطبري صورة
عنها :
«... فقال له عبد الله بن عامر : رأيي يا
أمير المؤمنين أن تأمرهم بجهاد يشغلهم عنك ، وأن تُجمرهم في المغازي حتّى يذلّوا
لك ، فلا يكون همّة أحدهم إلاّ نفسه ، وما هو فيه من دُبرة دابته ، وقمّل فروه ...
فردّ عثمان عمّاله على أعمالهم ، وأمرهم بالتّضييق على مَنْ قبلهم ، وأمرهم بتجمير
[١] الناس في البعوث ، وعزم على تحريم [٢] اُعطياتهم ؛ ليطيعوه ويحتاجوا إليه» [٣].
[١] جمر الناس :
جمعهم. وجمر الجيش : حبسهم في أرض العدو ولم يقفهم (قاموس). انظر : لسان العرب ٤ /
١٤٦. يريد عثمان من عمّاله أن يجمعوا الناس في البعوث العسكرية الطويلة الأمد ، لا
يردّوهم إلى أوطانهم.