نام کتاب : ثورة الحسين ظروفها الإجتماعيّة وآثارها الإنسانيّة نویسنده : شمس الدين، الشيخ محمد مهدي جلد : 1 صفحه : 46
جميعاً كانت توجد
معارضة أخرى مدفوعة بأسباب مُغايرة ، وتستهدف نتائج مُغايرة. وقد رأى زعماء هذه
المعارضة في فساد الأوضاع العامّة ، وشيوع التذمّر والنقد فرصة يستغلّونها
لاستعجال نهاية عهد عثمان التي تُمكّنهم من الوصول إلى مآربهم ، فأخذوا يُساهمون
في نشر رُوح التذمّر وتعميقها.
وقد مكّن عثمان بسياسته الإدارية لهذه
الطائفة من معارضيه أسباب القوّة والنفوذ ؛ وذلك حين أطلق لها أن تُنمي ثرواتها
إلى أبعد مدى بإجرائه الذي قدّمنا الحديث عنه في الأراضي ، وتكوين الإقطاعات
الضّخمة ، وحين أطلق لها أن تُغادر المدينة إلى البلاد المفتوحة ؛ حيث راح أفرادها
يستكثرون لأنفسهم من الأموال ، ويستكثرون من الأتباع ، ويُمنّون أنفسهم بالوصول
إلى الخلافة ، ويمنّيهم بذلك أتباعهم وقبائلهم.
وقد أشار الطبري في أحداث سنة خمس
وثلاثين إلى هذه الحقيقة فقال :
«كان عمر بن الخطّاب قد حجر على أعلام
قريش من المهاجرين الخروج في البلدان إلاّ بإذن وأجل [١].
فلمّا ولي عثمان لم يأخذهم بالذي كان
يأخذهم به عمر ، فانساحوا في البلاد ، فلمّا رأوها ورأوا الدنيا ورآهم الناس انقطع
مَنْ لم يكن له طول ولا مزية في الإسلام فكان مغموراً في الناس ، وصاروا أوزاعاً
إليهم ، وأمّلوهم وتقدّموا في ذلك ، فقالوا يملكون فنكون قد عرفناهم ، وتقدّمنا في
التقرّب والانقطاع إليهم ، فكان ذلك أوّل وهن دخل على الإسلام ، وأوّل فتنة كانت
في العامّة ليس إلاّ ذلك» [٢].
[١] قال عمر لمّا
استأذنه الزبير بن العوام في الغزو «ها إنّي ممسك بثياب هذا الشعب أن يتفرّق أصحاب
محمد في الناس فيُضلّوهم» شرح نهج البلاغة ٢٠ / ٢٠.