في ارتداعهم سقط
عنهم وجوب الردع فلم يردعوا ، فلا يكشف عن الرضاء.
قلت
: انّ الردع الواجب
عليهم عليهمالسلام قد يكون بعنوان ارشاد الجاهل وتنبيه الغافل ، وقد يكون
بعنوان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولقد اشير إليهما معا في قوله تعالى : (
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ )[١] والقدر المسلّم ممّا يسقط بوجود العمومات المذكورة إنّما
هو وجوب الردع بالعنوان الأوّل لا الثاني ، لكون مورده العالمين بالأحكام الخائضين
في معاصي الله ، وعليه فلو كان العمل على الظنون الاستصحابيّة بمقتضى العمومات
المذكورة منكرا لوجب الردع عنه على الإمام لعموم وجوب النهي عن المنكر ، وعدمه
يكشف عن عدم المنكريّة ، وهذا ينهض مخصّصا للعمومات المذكورة.
وبالجملة العمومات
الدالّة على حرمة العمل بما وراء العلم مسلّمة ، ولكنّها مخصّصة بتقرير المعصوم
المكشوف عنه ببناء العقلاء ، كما أنّه يخصّص عمومات حرمة الغيبة بتقريره فيما لو
اغتيب بحضرته متجاهر بالفسق وتمكّن من ردعه ومنعه ولم يفعل.
هذا غاية ما يمكن
أن يقال في تتميم الاستدلال ، ولكنّه مع ذلك ضعيف لتطرّق المنع إلى كلّ من
الكبريين بمنع أدلّة إثباتهما من الوجدان والبرهان.
وتوضيحه : أنّا
متى ما راجعنا أنفسنا وجدنا الموارد فيما لو كان المشكوك فيه مسبوقا بالوجود
مختلفة ، فربّ مقام يساوي احتمال البقاء لاحتمال عدمه ، كما لو كان الشكّ باعتبار
المقتضي كالخيار المشكوك فيه بعد الزمان الأوّل باعتبار شبهة الفوريّة ، وربّ مقام
يترجّح فيه احتمال البقاء ، وربّ مقام ينعكس فيه الأمر كما لو غبنا عن زيد بعد ما
عرض له مرض يغلب البرء منه أو الهلاك فيه ، فلو شككنا في بقائه وعدمه يترجّح
البقاء في الأوّل وعدمه في الثاني ، ولو حمل الظنّ المأخوذ في الكبرى على الظنّ
النوعي على معنى أنّ الوجود السابق لو خلّي وطبعه وبنوعه يؤثّر في ظنّ البقاء
لئلاّ يقدح فيه اختلاف الموارد ـ وهو الظاهر من عبارة الدليل المحرزة بأنّ الشيء
الفلاني قد كان ولم يظنّ عدمه وكلّما كان كذلك فهو مظنون البقاء ، لوضوح عدم
الملازمة بين عدم الظنّ بالعدم والظنّ بالبقاء إلاّ بإرادة الظنّ النوعي من مظنون
البقاء ـ.