صيغة
الأمر في الندب كان شايعا في عرفهم ، بحيث صار من المجازات الراجحة المساوى
احتمالها من اللّفظ لاحتمال الحقيقة عند انتفاء المرجّح الخارجيّ ؛ فيشكل التعلّق
في إثبات وجوب أمر بمجرّد ورود الأمر به منهم عليهمالسلام.
الاحتمالين في
المجرّد عن القرينة.
نعم ، إن ثبت شيوع
الاستعمال بدون القرينة المقارنة بأن يكون استعمالهم فيه مطلقا ، فعلم بدليل منفصل
أنّ مرادهم الندب فلا بعد لما ذكره ، وكأنّه مراده ولكن إثبات مثل هذا الشيوع لا
يخلو من إشكال.
وأورد عليه بعض
الأفاضل : بأنّ شيوع استعمال اللفظ في معناه المجازي قاض برجحان المجاز على ما كان
عليه قبل الشيوع ، سواء كان استعماله فيه على الوجه الأوّل أو الثاني أو الملفّق
منهما ، وكلّما زاد الشيوع قوي المجاز إلى أن يبلغ حدّ المساواة مع الحقيقة أو
الرجحان عليه في صورة الإطلاق أيضا ، حملا له على الأعمّ الأغلب ، وذلك أمر ظاهر
بعد الرجوع إلى العرف.
واخرى [١] : بأنّ حمل « الأمر » على الندب في أحاديثنا المرويّة إمّا لقرينة دالّة عليه
فمن البيّن أنّه لا يستلزم كونه مساويا للحقيقة ، فإنّ أكثر الألفاظ في كلام العرب
شاع استعمالها في المعاني المجازيّة ، وعليه معتمد الشعراء والخطّاب ، وإمّا لعارض
أو ضعف في السند وذلك لا يستلزم الاستعمال في الواقع ، بل ذلك مقتضى الجمع بين
الأدلّة أو العمل بدليل خاصّ دلّ على رجحان العمل بمقتضى الرواية الضعيفة.
والظاهر أنّ مراده
بذلك عمومات « من بلغ ».
وأورد عليه الفاضل
المذكور : بأنّه مع البناء على ذلك يلزم امتناع حصول المجاز المشهور ، بل النقل
الحاصل من الغلبة ، ضرورة أنّ استعمال اللفظ في المعنى المجازي إنّما يكون مع القرينة
المتّصلة أو المنفصلة [ إذ ] بدونها لا يحمل اللفظ إلاّ على معناه الحقيقي. والمفروض
أنّ الغلبة الحاصلة بأيّ من الوجهين المذكورين هذا [٢].
[٢] والظاهر وقوع
سقط في هذه العبارة فلابدّ من النظر في نسخة اخرى من نسخ هداية المسترشدين. ( منه
).
أقول : الساقط من نسخة المؤلف
قدسسره ما يلي : لا يقضي
بمساواة المجاز للحقيقة أو ترجيحه عليها ولو بملاحظة تلك الشهرة ، فكيف يحصل
المجاز المشهور أو النقل على الوجه المذكور؟