نام کتاب : أضواء على ثورة الحسين عليه السلام نویسنده : الصدر، السيد محمد باقر جلد : 1 صفحه : 124
الوجهُ
الثالث : إنّ الآية الكريمة وإن صرّحت بالذلّة ،
إلاّ أنّها لم تُصرِّح بمَن يكونون أذلاّء أمامهُ ، فلو تصوّرنا أنّهم أذلاّء أمام
الأعداء ، لوردَ الإشكال ، ولكن يمكن أن نفهم أنّ المراد كونهم أذلاّء أمامَ الله
عزّ وجل.
ونجعل التبشير بالنصر كقرينة متّصلة على
ذلك يعني : أنّه جلّ جلالهُ إنّما نَصرهم ؛ لأنّهم كانوا أذلاّء أمامهُ وخاشعين له
ومتوسّلين به.
إذاً ، فالآية الكريمة لا تدلّ بحالٍ
على تحقق الذلّة الفعليّة لطرف الحقّ أينما كان ، ولو دلّت على ذلك لتعارَضت مع
الآيات الأخرى جزماً ، كقوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ
وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)[١] ، فتكون هذه
الآيات أَولَى بالصحّة ، ويكون من الواجب تأويل تلك الآية الكريمة ، وإذا تنزّلنا
جَدلاً عن التأويل ، أمكنَ تساقط دلالتها مع دلالة الآيات الأخرى ، ومعهُ لا يبقى
دليل على وجود الذلّة.
السؤالُ الرابع : هل اهتمّ
الإمام الحسين عليهالسلام
بعياله؟
هذا ما يؤكِّد عليه الخطباء الحسينيّون
كثيراً ، ولكنّني أعتقد أنّه أمر لا ينبغي المبالغة فيه إطلاقاً ، بل يجب أخذهُ من
أقلّ زاوية وأضيق نطاق.
فإنّه عليهالسلام
لو أرادَ الاهتمام الحقيقي بعياله كما يعتني أهل الدنيا بعوائلهم ويحرصون عليه ، إذاً
لكانَ الأَولَى به أن يعمل أحد أمور :
أوّلاً
: أن يُبايع الحاكم الأموي لينال الدنيا
وأموالها وزخارفها ويرتاح هو وأهله وعياله فيها خير راحة ، بغضّ النظر عن الآخرة ،
أعوذ بالله من ذلك.
ثانياً
: إن كان هو يريد عدم البيعة فليخرج بهم
إلى اليمن أو غيرها من بلاد الله ، ليكونوا سُعداء مرتاحين هناك.