نام کتاب : أضواء على ثورة الحسين عليه السلام نویسنده : الصدر، السيد محمد باقر جلد : 1 صفحه : 123
وهنا قد يخطر في البال : أنّ قوله تعالى
: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ
أَذِلَّةٌ)[١] دالٌ على
حصول الذلّة لجيش النبيّ صلىاللهعليهوآله
في واقعة بدر.
وإذا صحّ وصف جيش النبيّ صلىاللهعليهوآله بذلك صحّ وصف غيره
بطريق أولى ، فلماذا نتحاشى عن وصف الحسين وجيشه بالذلّة؟
وجوابهُ
: أنّ الآية الكريمة غير دالّة أصلاً على
ثبوت الذلّة بمعنى المهانة للنبي صلىاللهعليهوآله
وجيشه ، ولو دلّت على ذلك لوجبَ تأويلها بما يناسب الحال ، شأنها في ذلك شأن
الظواهر القرآنيّة التي دلّ الدليل على عدم إمكان التعبّد بمظاهرها ، وذلك من وجوه
:
الوجهُ
الأوّل : إنّ المنظور هو الذلّة بالمعنى العرفي
، يعني أنّ الانطباع هو ذلك بغضّ النظر عن الإحساس به ، وذلك مثل قوله تعالى :
(وَاذْكُرُواْ إِذْ
أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ
النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ)[٢]
، وهذا تعبيرٌ عن انطباع معيّن يمكن التعبير عنه بالذلّة مجازاً ، بعد النظر إلى
قلّة المسلمين وضعفهم تجاه عدد الكفّار وعدّتهم وجبروتهم.
الوجهُ
الثاني : إنّ المنظور في الآية الكريمة هو
الذلّة لولا العناية الإلهيّة ، وبالاستقلال عنها ، وإلاّ فمن غير المحتمل حصول
الذلّة مع وجود تلك العناية ، ولا شكّ أنّ تلك العناية موجودة باستمرارٍ مع طرف
الحقّ ، سواء كان الرسول صلىاللهعليهوآله
، أو الحسين عليهالسلام
، أو أيّ شخصٍ آخر مهم دينيّاً أو إلهيّاً.