العاجلة على اللذّة الحقيقيّة الّتي ليس فوقها لذّة ، ولا لغيرها ذكر في
مقام ذكر اللذّة ، وليس شيء أشدّ خسرانا من ذلك الغافل ؛ حيث لم يعرف رتبته ،
وضيّع استعداده ، فتاه في فيافي الضلال حيران ، وعن لباس التوحيد عريان ، فبات في
مهود النقصان ، وأصبح متلهّفا بالخسران ، فإنّه داخل في عموم (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا
الَّذِينَ آمَنُوا)[١] أي عرفوا المقامات السبعة ، وأقرّوا بمن هي له ممّا
أشرنا إليه (وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ)[٢] أي ما يصلح نفوسهم من العبادات والرياضات الممحّضة
للقلب ، للتوجّه إلى حضرة الربّ (وَتَواصَوْا بِالْحَقِ)[٣] أي عرّفوا الناس ما عرفوه من المقامات بحسب إمكانهم
واستعدادهم (وَتَواصَوْا
بِالصَّبْرِ)[٤] أي عرّفوهم طرق العبادات والرياضات المانعة لشهوة
النفس.
وروي أنّ
المراد بالإنسان الّذي في الخسر هم أعداء العترة ، وبالّذين آمنوا المؤمنون
بإيابهم عليهم السلام ، وبالعمل الصالح المواساة مع الإخوان ، وبالحقّ الإمامة ،
وبالصبر العترة. انتهى.
بوارق
الأولى
: قال بعض العارفين
رحمه الله : هذه إشارة إلى النفوس المقهورة في يد شياطينها ، والعاجلة هي الحياة
الدنيا وزينتها ، واللذّات الحاضرة الحسّيّة ، أي يولّون وجوههم شطرها ، ويعرضون
عن القبلة الحقيقيّة ، ولا تلتفت نفوسهم إلى ما يحصل لها من ضرورة الموت وما بعدها
من العذاب