responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البرهان في تفسير القرآن نویسنده : البحراني، السيد هاشم    جلد : 4  صفحه : 666

وَ أَنّٰا كُنّٰا نَقْعُدُ مِنْهٰا مَقٰاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهٰاباً رَصَداً [1] .

فَصَعِدَ إِبْلِيسُ اللَّعِينُ فِي زَمَانِ أَيُّوبَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)إِلَى مَا دُونَ الْعَرْشِ كَمَا كَانَ يَصْعَدُ،وَ وَقَفَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يَقِفُ فِيهِ،وَ فِي قَلْبِهِ مِنَ النَّبِيِّ أَيُّوبُ مَا فِيهِ،وَ اللَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَى السِّرِّ وَ الْعَلاَنِيَةِ،فَنُودِيَ:يَا مَلْعُونٌ،مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ فَقَالَ:إِلَهِي،طُفْتُ الْأَرْضَ لِأَفْتِنَ مَنْ أَطَاعَنِي،فَفَتَنْتُهُمْ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ.فَنُودِيَ:يَا لَعِينُ،مَا فِي قَلْبِكَ مِنْ نِعْمَةِ أَيُّوبَ؟فَقَالَ إِبْلِيسُ:يَا رَبِّ،إِنَّكَ ذَكَرْتَهُ فَصَلَّتْ عَلَيْهِ مَلاَئِكَتُكَ.فَنُودِيَ:يَا لَعِينُ،هَلْ نِلْتَ مِنْهُ شَيْئاً مَعَ طُولِ عِبَادَتِهِ،فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغْوِيَهُ عَنْ عِبَادَتِي؟فَقَالَ:إِلَهِي وَ مَوْلاَيَ،إِنَّ أَيُّوبَ لَمْ يُؤَدِّ شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ،وَ نَظَرْتُ فِي أَمْرِهِ وَ إِذَا هُوَ عَبْدٌ عَافَيْتُهُ فَقَبِلَ عَافِيَتَكَ،وَ رَزَقْتَهُ فَشَكَرَكَ،وَ لَمْ تُجَرِّبْهُ فِي الْبَلاَءِ وَ الْمَصَائِبِ،فَلَوْ ابْتَلَيْتَهُ لَوَجَدْتَهُ بِخِلاَفِ مَا هُوَ عَلَيْهِ،وَ لَوْ سَلَّطْنَتِي-يَا رَبِّ-عَلَى مَالِهِ لَرَأَيْتُهُ كَيْفَ يَنْسَاكَ.فَنُودِيَ:يَا مَلْعُونٌ،قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى مَالِهِ لَتَعْلَمُ أَنَّكَ كَاذِبٌ فِيمَا تَعْتَقِدُهُ فِيهِ».

قَالَ:«فَانْقَضَّ مِنَ السَّمَاوَاتِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى الصَّخْرَةِ الَّتِي رَضَخَ عَلَيْهَا قَابِيلُ رَأْسَ أَخِيهِ هَابِيلَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، وَ هِيَ صَخْرَةٌ سَوْدَاءُ يَنْبُعُ مِنْهَا صَدِيدُ اللَّعْنَةِ،فَوَقَفَ إِبْلِيسُ عَلَيْهَا،وَ رَنَّ رَنَّةً حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْعَفَارِيتُ الْمُتَمَرِّدُونَ مِنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ،فَقَالُوا:يَا أَبَانَا،وَ مَا وَرَاءَكَ،وَ مَا دَهَاكَ؟فَقَالَ:إِنِّي مُكِّنْتُ مِنْ فُرْصَةٍ مَا تَمَكَّنْتُ مِنْ مِثْلِهَا مُنْذُ أَخْرَجْتُ آدَمَ مِنَ الْجَنَّةِ،وَ ذَلِكَ أَنِّي سُلِّطْتُ عَلَى مَالِ أَيُّوبَ لِأُفْقِرَهُ،وَ أُعْطِبَ مَالَهُ.فَقَالَ بَعْضُهُمْ:سَلِّطْنِي عَلَى أَشْجَارِهِ،فَإِنِّي أَتَحَوَّلُ نَاراً،وَ لاَ أَمُرُّ عَلَى شَيْءٍ إِلاَّ أَحْرَقْتُهُ،وَ صَيَّرْتُهُ رَمَاداً.فَقَالَ إِبْلِيسُ:أَنْتَ لِذَلِكَ.وَ قَالَ آخَرُ:

سَلِّطْنِي عَلَى مَوَاشِيهِ حَتَّى أَصِيحَ صَيْحَةً تُخْرِجُ أَرْوَاحَهَا.فَقَالَ أَنْتَ لِذَلِكَ.فَأَقْبَلَ الْأَوَّلُ،وَ تَحَوَّلَ نَاراً،حَتَّى أَحْرَقَ تِلْكَ الْأَشْجَارَ وَ الْآجَامَ.وَ أَقْبَلَ الْآخَرُ عَلَى الْمَوَاشِي،فَصَاحَ بِهَا صَيْحَةً خَرَجَتْ كُلُّهَا مِيتَةً مَعَ رُعَاتِهَا.

فَرَأَى أَهْلُ الْقَرْيَةِ دُخَاناً عَظِيماً،وَ صَيْحَةً عَظِيمَةً،فَفَزِعُوا فَزِعاً شَدِيداً،فَأَقْبَلَ اللَّعِينُ إِلَى أَيُّوبَ وَ هُوَ فِي صَلاَتِهِ،وَ خَيَّلَ إِلَى أَيُّوبَ أَنَّهُ أَصَابَهُ وَهَجُ ذَلِكَ الْحَرِيقِ،وَ قَدِ اسْوَدَّ وَجْهُهُ،وَ تَمَعَّطَ [2] شَعْرُهُ،وَ هُوَ لَعَنَهُ اللَّهُ يُنَادِي:يَا أَيُّوبُ،أَدْرِكْنِي،فَأَنَا النَّاجِي مِنْ دُونِ غَيْرِي،فَمَا رَأَيْتُ نَاراً أَقْبَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ فِيهَا دُخَانٌ فَأَحْرَقَتْ مَالَكَ-يَا أَيُّوبُ- وَ أَصَابَتْنِي نَفْحَةٌ مِنْ نَفَحَاتِهَا،وَ سَمِعْتُ مُنَادِياً مِنَ السَّمَاءِ يَقُولُ:هَذَا جَزَاءُ مَنْ كَانَ مُرَائِياً فِي عِبَادَتِهِ،يُرِيدُ بِهَا النَّاسَ دُونَ اللَّهِ تَعَالَى.وَ قَالَ إِبْلِيسُ:وَ سَمِعْتُ النَّارَ تَقُولُ:أَنَا نَارُ الْغَضَبِ،أَنَا نَارُ السَّخَطِ.

قَالَ:فَلَمَّا سَمِعَ أَيُّوبُ ذَلِكَ أَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ،وَ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ تَامَّةً كَامِلَةً،فَقَالَ:يَا هَذَا، لَيْسَتْ هِيَ أَمْوَالِي،وَ إِنَّمَا هِيَ أَمْوَالُ اللَّهُ تَعَالَى يَفْعَلُ بِهَا مَا شَاءَ.فَقَالَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ:صَدَقْتَ.وَ مَاجَ النَّاسُ،فَقَالَ بَعْضُهُمْ:هَذَا مَا قَبَضَهُ قَبْضُ الْعُجْبِ.وَ قَالَ آخَرُونَ:مَا كَانَ أَيُّوبُ صَادِقاً فِي تَوْبَتِهِ،فَلِهَذَا جَازَاهُ بِهَذَا الْجَزَاءِ.فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَيُّوبَ مِنْ قَوْلِهِمْ،وَ لَمْ يُجِبْهُمْ،غَيْرُ أَنَّهُ قَالَ:اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى قَضَائِهِ وَ قَدَرِهِ.

فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ أَيُّوبُ عَلَى اللَّعِينِ إِبْلِيسَ،وَ قَالَ لَهُ:مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الْعَبْدُ؟كَأَنَّكَ مِمَّنْ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ رَحْمَتِهِ،


[1] الجن 72:8 و 9.

[2] تمعّط شعره:أي تساقط.«الصحاح-معط-3:1161».

نام کتاب : البرهان في تفسير القرآن نویسنده : البحراني، السيد هاشم    جلد : 4  صفحه : 666
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست