عَنْهُ،فَسَأَلَهَا آزَرُ عَنْهُ،فَقَالَتْ:قَدْ وَارَيْتُهُ فِي التُّرَابِ.فَمَكَثَتْ تَعْتَلُّ [1]،وَ تَخْرُجُ فِي الْحَاجَةِ،وَ تَذْهَبُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،فَتَضُمُّهُ إِلَيْهَا وَ تُرْضِعُهُ،ثُمَّ تَنْصَرِفُ.فَلَمَّا تَحَرَّكَ أَتَتْهُ كَمَا كَانَتْ تَأْتِيهِ،فَصَنَعَتْ بِهِ كَمَا كَانَتْ تَصْنَعُ، فَلَمَّا أَرَادَتِ الاِنْصِرَافَ أَخَذَ بِثَوْبِهَا،فَقَالَتْ لَهُ:مَا لَكَ؟فَقَالَ لَهَا:اِذْهَبِي بِي مَعَكَ.فَقَالَتْ لَهُ:حَتَّى أَسْتَأْمِرَ أَبَاكَ.فَأَتَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)آزَرَ فَأَعْلَمَتْهُ الْقِصَّةَ،فَقَالَ لَهَا:اِئتِينِي بِهِ،فَأَقْعِدِيهِ عَلَى الطَّرِيقِ،فَإِذَا مَرَّ بِهِ إِخْوَتُهُ دَخَلَ مَعَهُمْ وَ لاَ يُعْرَفُ،قَالَ:وَ كَانَ إِخْوَةُ إِبْرَاهِيمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)يَعْمَلُونَ الْأَصْنَامَ وَ يَذْهَبُونَ بِهَا إِلَى الْأَسْوَاقِ،وَ يَبِيعُونَهَا».
قَالَ:«فَذَهَبَتْ إِلَيْهِ،فَجَاءَتْ بِهِ حَتَّى أَقْعَدَتْهُ عَلَى الطَّرِيقِ،وَ مَرَّ إِخْوَتُهُ،فَدَخَلَ مَعَهُمْ فَلَمَّا رَآهُ أَبُوهُ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْمَحَبَّةُ مِنْهُ،فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ.قَالَ:فَبَيْنَمَا إِخْوَتُهُ يَعْمَلُونَ يَوْماً مِنَ الْأَيَّامِ الْأَصْنَامَ إِذْ أَخَذَ إِبْرَاهِيمُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) الْقَدُومَ [2]،وَ أَخَذَ خَشَبَةً،فَنَجَرَ مِنْهَا صَنَماً لَمْ يُرَ مِثْلُهُ قَطُّ.فَقَالَ آزَرُ لِأُمِّهِ:إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ نُصِيبَ خَيْراً بِبَرَكَةِ ابْنِكِ هَذَا، قَالَ:فَبَيْنَمَا هِيَ كَذَلِكَ إِذْ أَخَذَ إِبْرَاهِيمُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)الْقَدُومَ،فَكَسَرَ الصَّنَمَ الَّذِي عَمِلَهُ،فَفَزِعَ أَبُوهُ مِنْ ذَلِكَ فَزَعاً شَدِيداً، فَقَالَ لَهُ:أَيَّ شَيْءٍ عَمِلْتَ؟فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):وَ مَا تَصْنَعُونَ بِهِ؟فَقَالَ آزَرُ:نَعْبُدُهُ.فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):
أَ تَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ؟فَقَالَ آزَرُ لِأُمِّهِ:هَذَا الَّذِي يَكُونُ ذَهَابُ مُلْكِنَا عَلَى يَدَيْهِ».
/9006 _2-و
عَنْهُ:عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ،عَنْ أَبِيهِ،عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ،عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ،عَنْ حُجْرٍ،عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)قَالَ: «خَالَفَ إِبْرَاهِيمُ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ)قَوْمَهُ،وَ عَابَ آلِهَتَهُمْ حَتَّى أُدْخِلَ عَلَى نُمْرُودَ، فَخَاصَمَهُ.فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ) رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ قٰالَ أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ قٰالَ إِبْرٰاهِيمُ فَإِنَّ اللّٰهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهٰا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَ اللّٰهُ لاٰ يَهْدِي الْقَوْمَ الظّٰالِمِينَ [3].
وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):عَابَ آلِهَتَهُمْ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ،فَقَالَ: إِنِّي سَقِيمٌ .قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):
وَ اللَّهِ مَا كَانَ سَقِيماً،وَ مَا كَذَبَ.
فَلَمَّا تَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ إِلَى عِيدٍ لَهُمْ دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)إِلَى آلِهَتِهِمْ بِقَدُومٍ فَكَسَرَهَا،إِلاَّ كَبِيراً لَهُمْ،وَ وَضَعَ الْقَدُومَ فِي عُنُقِهِ،فَرَجَعُوا إِلَى آلِهَتِهِمْ،فَنَظَرُوا إِلَى مَا صُنِعَ بِهَا،فَقَالُوا:لاَ وَ اللَّهِ،مَا اجْتَرَأَ عَلَيْهَا وَ لاَ كَسَرَهَا إِلاَّ الْفَتَى الَّذِي كَانَ يَعِيبُهَا وَ يَبْرَأُ مِنْهَا.فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ قِتْلَةً أَعْظَمَ مِنَ النَّارِ،فَجَمَعُوا لَهُ الْحَطَبَ،وَ اسْتَجَادُوهُ،حَتَّى إِذَا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي يُحْرَقُ فِيهِ بَرَزَ لَهُ نُمْرُودُ وَ جُنُودُهُ،وَ قَدْ بُنِيَ لَهُ بِنَاءٌ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ كَيْفَ تَأْخُذُهُ النَّارُ،وَ وُضِعَ إِبْرَاهِيمُ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فِي مَنْجَنِيقٍ،وَ قَالَتِ الْأَرْضُ:يَا رَبِّ،لَيْسَ عَلَى ظَهْرِي أَحَدٌ يَعْبُدُكَ غَيْرُهُ،يُحْرَقُ بِالنَّارِ!فَقَالَ الرَّبُّ:إِنْ دَعَانِي كَفَيْتُهُ».
فَذَكَرَ أَبَانٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ،عَنْ زُرَارَةَ [4]،عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«أَنَّ دُعَاءَ إِبْرَاهِيمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)يَوْمَئِذٍ كَانَ:
يَا أَحَدُ،يَا أَحَدُ،يَا صَمَدُ،يَا صَمَدُ،يَا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ،وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.ثُمَّ قَالَ:تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ.فَقَالَ
[1] في«ج،ي»و المصدر:تفعل.
[2] القدوم:آلة للنجر و النحت.«أقرب الموارد-قدم-2:983».
[3] البقرة 2:258.
[4] في المصدر:عمّن رواه.