قال الأصمعيّ و اجتاز ابن سريج بطويس و
معه فتية من قريش و هو يغنّيهم في هذا/ الصوت، فوقف حتى سمعه، ثم أقبل عليهم فقال:
هذا و اللّه سيّد من غنّاه.
هذه الأصوات
التي ذكرتها الجامعة للنّغم العشر و الثماني النّغم [1] منها هي المشهورة المعروفة
عند الرّواة و في روايات الرّواة و عند المغنّين.
كان عبيد
اللّه يراسل المعتضد على لسان جواريه:
و كان عبيد
اللّه بن عبد اللّه بن طاهر يراسل المعتضد باللّه إذا استزار جواريه على ألسنتهم و
مع ذوي الأنس عنده من رسله: مع أحمد بن الطّيّب و ثابت بن قرّة/ الطائي، يذكر
النّغم و تفصيل مجاريها و معانيها حتى فهم ذلك.
فصنع لحنا فجمع
النّغم العشر في قول دريد بن الصّمّة:
يا ليتني فيها
جذع
أخبّ فيها و أضع
كان المكتفي
يراسله في الغناء:
و صنع صنعة
متقنة جيّدة، منها ما سمعناه من المحسنين و المحسنات و منها ما لم نسمعه، يكون
مبلغها نحو خمسين صوتا. و قد ذكرت من ذلك ما صلح في أغاني الخلفاء. ثم صنع مثل ذلك
للمكتفي [2] باللّه لرغبته في هذه الصناعة.
فوجدت رقعة
بخطه كتب بها إلى المكتفي نسختها: «قال إسحاق بن إبراهيم حين صاغ عند أبي العبّاس
عبد اللّه بن طاهر بأمره لحنه في:
و لحنه خفيف
ثقيل لابن محرز؛ فإن إيقاعه ستة و خمسون دورا. ثم لحن معبد:
هريرة ودّعها و إن
لام لائم
غداة غد أم أنت
للبين واجم
و هو أحد سبعته
[5]. و لحنه خفيف ثقيل، و دور إيقاعه ستّة و خمسون دورا، إلا أن صوت ابن محرز
سداسيّ في العروض من الخفيف، و صوت معبد ثماني من الطويل؛ فصوت ابن محرز أعجب لأنه
أقصر. و ما زلنا حتى تهيّأ لنا شعر رباعيّ في سيّدنا أمير المؤمنين أطال اللّه
بقاءه، دور إيقاعه ستّة و خمسون دورا، و هو يجمع من النّغم/ العشر ثمانيا؛ و هذا ظريف
جدّا بديع لم يكن مثله. و أمّا الصوت الذي في تهنئة النّوروز فلأنفسنا عملناه؛ إذ
لم يكن لنا من
[1]
في الأصول: «الثماني نغم» بدون أداة التعريف في المضاف إليه.