responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 9  صفحه : 41

فدفعه عمارة في البحر. فلمّا وقع فيه سبح حتى أخذ بالقلس [1] فارتفع فظهر على السفينة. فقال له عمارة: أما و اللّه لو علمت يا عمرو أنك تحسن السّباحة ما فعلت. فاضطغنها عمرو و علم أنه أراد قتله. فمضينا على وجههما ذلك حتى قدما أرض الحبشة و نزلاها. و كتب عمرو بن العاص إلى أبيه العاص أن اخلعني و تبرّأ من جريرتي إلى بني المغيرة و جميع بني مخزوم. و ذلك أنه خشي على أبيه أن يتبع بجريرته و هو يرصد لعمارة ما يرصد. فلما ورد الكتاب على العاص بن وائل مشى في رجال من قومه منهم نبيه و منبّه ابنا الحجّاج [2] إلى بني المغيرة و غيرهم من بني مخزوم فقال: إنّ هذين الرجلين قد خرجا حيث علمتم، و كلاهما فاتك صاحب شرّ، و هما غير مأمونين على أنفسهما و لا ندري ما يكون. و إنّي أبرأ إليكما من عمرو و من جريرته و قد خلعته. فقالت بنو المغيرة و بنو مخزوم:

أنت تخاف عمرا على عمارة! و قد خلعنا نحن عمارة و تبرّأنا كلّ قوم من صاحبهم و مما جرّ عليهم، فبعثوا مناديا ينادي بمكة بذلك. فقال الأسود بن المطّلب: بطل و اللّه دم عمارة بن الوليد آخر الدهر!. فلما اطمأنّا بأرض الحبشة لم يلبث عمارة أن دبّ لامرأة النجاشيّ فأدخلته فاختلف إليها. فجعل إذا رجع من مدخله يخبر عمرو بن العاص بما كان من أمره. فجعل عمرو يقول: ما أصدّقك أنك قدرت على هذا الشأن، إنّ المرأة أرفع من ذلك.

فلما أكثر على عمرو مما كان يخبره، و قد كان صدّقه و لكن أحبّ التثبّت، و كان عمارة يغيب عنه حتى يأتيه في السّحر، و كان في منزل واحد معه، و جعل عمارة يدعوه إلى أن يشرب معه فيأبى عمرو و يقول: إنّ هذا يشغلك عن مدخلك، و كان عمرو يريد أن يأتيه بشي‌ء لا يستطيع دفعه إن هو رفعه إلى النجاشيّ. فقال له في بعض ما يذكر له من أمرها: إن كنت صادقا فقل لها تدهنك من دهن النجاشيّ الذي لا يدّهن به غيره فإنّي أعرفه، لو أتيتني به لصدّقتك. ففعل عمارة [فجاء [4]] بقارورة من دهنه، فلمّا شمّه عرفه. فقال له عمرو عند ذلك: أنت صادق! لقد أصبت شيئا ما أصاب/ أحد مثله قطّ من العرب و نلت من امرأة الملك شيئا ما سمعنا بمثل هذا- و كانوا أهل جاهليّة- ثم سكت عنه، حتى إذا اطمأنّ دخل على النجاشيّ فقال: أيها الملك! إنّ ابن عمّي سفيه، و قد خشيت أن يعرّني [5] عندك أمره، و قد أردت أن أعلمك شأنه. [و لم أفعل [6]] حتى استثبتّ أنّه [7] قد دخل على بعض نسائك فأكثر. و هذا من دهنك قد أعطيه و دهنني منه. فلما شمّ النجاشيّ الدّهن قال: صدقت، هذا دهني الذي لا يكون إلّا عند نسائي. ثم دعا بعمارة/ و دعا بالسواحر، فجرّدوه من ثيابه فنفخن في إحليله، ثم خلى سبيله فخرج هاربا [8].

فلم يزل بأرض الحبشة حتى كانت خلافة عمر بن الخطّاب. فخرج إليه عبد اللّه بن أبي ربيعة- و كان اسمه قبل أن‌


[1] القلس: حبل غليظ من حبال السفن.

[2] هما نبيه و منبه ابنا الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعد بن سهم، كانا من أشراف قريش، ماتا على الشرك في غزوة بدر؛ قتل الأوّل حمزة بن المطلب، و الثاني أبو اليسر أخو بني سلمة. ( «السيرة» ج 1 ص 324، 436، 475، 510).

[3] السهميون: قوم عمرو بن العاص، و بنو سهم من هصيص بن كعب بن لؤي.

[4] زيادة عن «تجريد الأغاني».

[5] عره: لطخه بعيب.

[6] التكملة عن «تجريد الأغاني».

[7] في الأصول: «حتى استثبت و أنه ...» بزيادة الواو.

[8] في «تجريد الأغاني» «فخرج هاربا هائما على وجهه مع الوحش. و متى رأى الإنس هرب منهم و طلع له شعر غطى جميع بدنه.

و لم يزل كذلك مدّة أيام النبيّ صلى اللّه عليه و سلم و أيام أبي بكر رضي اللّه عنه و صدرا من خلافة عمر رضي اللّه عنه، فخرج إليه ... إلخ».

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 9  صفحه : 41
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست