responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 9  صفحه : 126

أبواه يغريانه بطلاقها و يأبى هو:

فأقامت معه مدّة لا ينكر أحد من صاحبه شيئا. و كان أبرّ الناس بأمّه، فألهته لبنى و عكوفه عليها عن بعض ذلك، فوجدت أمّه في نفسها و قالت: لقد شغلت هذه المرأة ابني عن برّي؛ و لم تر للكلام في ذلك موضعا حتى مرض مرضا شديدا. فلما برأ من علّته قالت أمّه لأبيه: لقد خشيت أن يموت قيس و ما يترك خلفا و قد حرم الولد من هذه المرأة، و أنت ذو مال فيصير مالك إلى الكلالة [1]، فزوّجه بغيرها لعل اللّه أن يرزقه ولدا، و ألحّت عليه في ذلك. فأمهل قيسا حتى إذا اجتمع قومه دعاه فقال: يا قيس، إنك اعتللت هذه العلّة فخفت عليك و لا ولد لك و لا لي سواك. و هذه المرأة ليست بولود؛ فتزوّج إحدى بنات عمّك لعلّ اللّه أن يهب لك ولدا تقرّ به عينك و أعيننا. فقال قيس:/ لست متزوّجا غيرها أبدا. فقال له أبوه: فإن في مالي سعة فتسرّ بالإماء. قال: و لا أسوءها بشي‌ء أبدا و اللّه. قال أبوه: فإني أقسم عليك إلّا طلّقتها. فأبى و قال: الموت و اللّه عليّ أسهل من ذلك، و لكني أخيّرك خصلة من ثلاث خصال. قال: و ما هي؟ قال: تتزوّج أنت فلعلّ اللّه أن يرزقك ولدا غيري. قال: فما فيّ فضلة لذلك.

قال: فدعني أرتحل عنك بأهلي و اصنع ما كنت صانعا لو متّ في علّتي هذه. قال: و لا هذه. قال: فأدع لبنى عندك و أرتحل عنك فلعليّ أسلوها فإني ما أحبّ بعد أن تكون نفسي طيّبة أنها في خيالي. قال: لا أرضى أو تطلّقها، و حلف لا يكنّه سقف بيت أبدا حتى يطلّق لبنى، فكان يخرج فيقف في حرّ الشمس، و يجي‌ء قيس فيقف إلى جانبه فيظله بردائه و يصلى هو بحرّ الشمس/ حتى يفي‌ء الفي‌ء فينصرف عنه، و يدخل إلى لبنى فيعانقها و تعانقه و يبكي و تبكي معه و تقول له: يا قيس، لا تطع أباك فتهلك و تهلكني. فيقول: ما كنت لأطيع أحدا فيك أبدا. فيقال: إنه مكث كذلك سنة. و قال خالد بن كلثوم: ذكر ابن عائشة أنه أقام على ذلك أربعين يوما ثم طلّقها. و هذا ليس بصحيح.

طلاقه لبنى ثم ندمه على فراقها، و شعره في ذلك:

أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدّثني أحمد بن زهير قال حدّثني يحيى بن معين قال حدّثنا عبد الرزّاق قال أخبرنا ابن جريج قال أخبرني عمر بن أبي سفيان عن ليث بن عمرو:

أنه سمع قيس بن ذريح يقول لزيد بن سليمان: هجرني أبواي في لبنى عشر سنين أستأذن عليهما فيردّاني حتى طلّقتها. قال ابن جريح: و أخبرت أن عبد اللّه بن صفوان الطويل لقي ذريحا أبا قيس فقال له: ما حملك على أن فرّقت بينهما؟ أمّا علمت أن عمر بن الخطاب قال: ما أبالي أ فرقت بينهما أو مشيت إليهما بالسيف. و روى هذا الحديث إبراهيم بن يسار الزّماديّ عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال قال الحسين بن عليّ رضي اللّه عنهما لذريح بن سنّة أبي قيس: أحلّ لك أن فرّقت بين قيس و لبنى؟! أما إني سمعت عمر بن الخطاب يقول: ما أبالي أ فرّقت بين الرجل و امرأته أو مشيت إليهما بالسيف. قالوا: فلما بانت لبنى بطلاقه إيّاها و فرغ من الكلام، لم يلبث حتى استطير عقله و ذهب به و حلقه مثل الجنون. و تذكّر لبنى و حالها معه فأسف و جعل يبكي و ينشج أحرّ نشيج.

و بلغها الخبر فأرسلت إلى أبيها ليحتملها، و قيل: بل أقامت حتى انقضت عدّتها و قيس يدخل عليها. فأقبل أبوها بهودج على ناقة و بإبل تحمل أثاثها. فلما رأى ذلك قيس أقبل على جاريتها فقال: ويحك! ما دهاني فيكم؟ فقالت:


[1] اختلف في معنى الكلالة فقيل: إن الكلالة الرجل الذي لا ولد له و لا والد؛ أو من عدا الأب و الابن من الورثة؛ و قيل من عدا الأب و الابن و الأخ؛ و قيل ما لم يكن من النسب لحا، أي لاصقا؛ و قيل الإخوة لأم.

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 9  صفحه : 126
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست