له:
[بيت] [1] الأخطل. فأتاه فقال: انزل. فلمّا نزل قام/ إليه الأخطل و هو لا يعرفه
إلا أنه ضيف؛ فقعدا يتحدّثان.
فقال له
الأخطل: ممّن الرجل؟ قال: من بني تميم. قال: فإنك إذا من رهط أخي الفرزدق. فقال:
تحفظ من شعره شيئا؟ قال: نعم كثيرا. فما زالا يتناشدان و يتعجّب الأخطل من حفظه
شعر الفرزدق إلى أن عمل فيه الشراب، و قد كان الأخطل قال له قبل ذلك: أنتم معشر/
الحنفيّة لا ترون أن تشربوا من شرابنا. فقال له الفرزدق: خفّض قليلا و هات من
شرابك فاسقنا. فلمّا عملت الرّاح في أبي فراس قال: أنا و اللّه الذي أقول في جرير
فأنشده. فقام إليه الأخطل فقبّل رأسه و قال: لا جزاك اللّه عنّي خيرا! لم كتمتني
نفسك منذ اليوم! و أخذا في شرابهما و تناشدهما، إلى أن قال له الأخطل: و اللّه إنك
و إيّاي لأشعر منه و لكنه أوتي من سير الشعر ما لم نؤته؛ قلت أنا بيتا ما أعلم أنّ
أحدا قال أهجى منه، قلت:
قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم
قالوا لأمّهم بولي على النار
فلم يروه إلّا
حكماء أهل الشعر. و قال هو:
و التغلبيّ إذا تنحنح للقرى
حكّ استه و تمثّل الأمثالا
فلم تبق سقاة و
لا أمثالها إلا رووه. فقضيا له أنه أسير شعرا منهما.
كان له دار
ضيافة فمر به عكرمة الفياض و هو لا يعرفه فأكرمه
أخبرني إسماعيل
بن يونس الشّيعيّ قال حدّثنا عمر بن شبّة قال قال المدائنيّ:
كان للأخطل
الشاعر دار ضيافة، فمرّ به عكرمة الفيّاض و هو لا يعرفه، فقيل له: هذا رجل شريف قد
نزل بنا.
فلمّا أمسى بعث
إليه فتعشّى معه، ثم قال له: أ تصيب من الشراب شيئا؟ قال: نعم. قال: أيه؟ قال:
كلّه إلّا شرابك. فدعا له بشراب يوافقه، و إذا عنده قينتان هما خلفه و بينه و
بينهما ستر، و إذا الأخطل أشهب اللّحية له ضفيرتان؛ فغمز الستر بقضيب في يده و قال:
غنيّاني بأردية الشعر، فغنّتاه بقول عمرو بن شأس:
فأما السبب في
مدح الأخطل عكرمة بن ربعيّ الفيّاض فأخبرنا به أبو خليفة عن محمد بن سلّام قال:
قدم الأخطل
الكوفة فأتى حوشب بن رويم الشّيبانيّ، فقال: إني تحملت حمالتين لأحقن بهما دماء
قومي فنهره، فأتى سيّار بن البزيعة، فسأله فاعتذر إليه، فأتى عكرمة الفيّاض، و كان
كاتبا لبشر بن مروان، فسأله و أخبره بما ردّ عليه الرجلان؛ فقال: أمّا إني لا
أنهرك و لا أعتذر إليك، و لكني أعطيك إحداهما عينا و الأخرى عرضا. قال:
و حدث أمر
بالكوفة فاجتمع له الناس في المسجد، فقيل له: إن أردت أن تكافىء عكرمة يوما
فاليوم. فلبس جبّة خزّ و ركب فرسا و تقلّد صليبا من ذهب و أتى باب المسجد و نزل عن
فرسه. فلما رآه حوشب و سيّار نفسا عليه ذلك،