responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 8  صفحه : 378

معها، فأتت جميلة فقالت لها: أعيدي عليّ الصوت ففعلت؛ و أقامت عليها [1] ثلاثا تسألها أن تعيد الصوت. فقالت لها جميلة: إني أريد أن أغنّيك صوتا فاسمعيه. قالت: هاتيه يا سيّدتي؛ فغنّتها:

أبت المليحة أن تواصلني‌

و أظنّ أني زائر رمسي‌

لا خير في الدنيا و زينتها

ما لم توافق نفسها نفسي‌

لا صبر لي عنها إذا حسرت‌

كالبدر أو قرن من الشمس‌

و رمت فؤادك عند نظرتها

بملاحة الإيثار [2] و الأنس‌

قالت سبيعة: لو لا أنّ الأوّل شعر عمر لقدّمت هذا على كلّ شي‌ء سمعته. فقال عمر: فإنه و اللّه أحسن من ذلك، فأمّا الشعر فلا. قالت جميلة: صدقت و اللّه. قالت عمّتي قال لها أبي: لعمري إنّ ذلك على ما قالا.

/ و لابن سريج في هذا الشعر لحن عن جميلة و ربما حكي بزيادة أو نقصان أو مثلا بمثل.

جمعت الناس في دارها و قصت عليهم رؤياها و اعتزامها ترك الغناء فاختلفوا و خطب شيخ يحبذ الغناء فرجعت‌

: أخبرني من يفهم الغناء قال:

بلغني أنّ جميلة قعدت يوما على كرسيّ لها و قالت لآذنتها: لا تحجبي عنّا أحدا اليوم، و اقعدي بالباب، فكل من يمرّ بالباب فاعرضي عليه مجلسي؛ ففعلت ذلك حتى غصّت الدار بالناس؛ فقالت جميلة: اصعدوا إلى العلاليّ؛ فصعدت جماعة حتى امتلأت السطوح. فجاءتها بعض جواريها فقالت لها: يا سيّدتي، إن تمادى أمرك على ما أرى لم يبق في دارك حائط إلّا سقط، فأظهري ما تريدين. قالت: اجلسي. فلما تعالى النهار و اشتدّ الحرّ استسقى الناس الماء فدعت لهم بالسّويق [3]، فشرب من أراد؛ فقالت: أقسمت على كل رجل و امرأة دخل منزلي إلّا شرب، فلم يبق في سفل الدار و لا علوها أحد إلّا شرب، و قام على رءوسهم الجواري بالمناديل و المراوح الكبار، و أمرت جواريها فقمن على كراسيّ [4] صغار فيما بين كلّ عشرة نفر جارية تروّح. ثم قالت لهم: إنّي قد رأيت في منامي شيئا أفزعني و أرعبني [5]، و لست أعرف ما سبب ذلك، و قد خفت أن يكون قرب أجلي، و ليس ينفعني إلّا صالح عملي، و قد رأيت أن أترك الغناء كراهة أن يلحقني منه شي‌ء عند ربي. فقال قوم منهم: وفّقك اللّه و ثبّت عزمك! و قال آخرون: بل لا حرج عليك في الغناء. و قال شيخ منهم ذو سنّ و علم و فقه و تجربة: قد تكلمت الجماعة، و كلّ حزب بما لديهم فرحون، و لم أعترض عليهم في قولهم و لا شركتهم في رأيهم، فاستمعوا الآن لقولي و أنصتوا/ و لا تشغبوا إلى وقت انقضاء كلامي؛ فمن قبل قولي فاللّه موفّقه، و من خالفني فلا بأس عليه إذ كنت في طاعة ربي.

فسكت القوم جميعا. فتكلّم الشيخ فحمد اللّه و أثنى عليه و صلّى على محمد النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم ثم قال: يا معشر أهل الحجاز، إنكم متى تخاذلتم فشلتم و وثب عليكم عدوّكم و ظفر بكم و لا تفلحوا بعدها أبدا. إنكم قد انقلبتم على‌


[1] في ب، س: «عليه».

[2] كذا، في ب، س. و في سائر الأصول هكذا: «الأنياب» أو الأيناب». و جميع الروايات غير ظاهرة.

[3] السويق: شراب يتخذ من الحنطة و الشعير.

[4] كلمة: «على كراسيّ صغار» ساقطة من ب، س.

[5] ذكر ابن الأعرابي في نوادره و ثعلب في «الفصيح» أنه لا يقال: «أرعبه» بالهمز، و تبعهما الجوهري، و غيرهم رأى جوازه. (راجع «شرح القاموس» مادة رعب).

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 8  صفحه : 378
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست