- الشعر لزهير. و الغناء في هذين البيتين
لجميلة فقط رمل بالوسطى عن حبش- فحينئذ ظهر أمري و شاع ذكري، فقصدني الناس و جلست
للتعليم؛ فكان الجواري يتكاوسنني [4]، فربما انصرف أكثرهنّ و لم يأخذن شيئا سوى ما
سمعنني أطارح لغيرهنّ، و لقد كسبت لمواليّ ما لم يخطر لهنّ ببال، و أهل ذلك كانوا
و كنت.
إجماع الناس
على تقدمها في الغناء
: و حدّثني أبو
خليفة قال حدّثني ابن سلّام قال حدّثني مسلمة بن محمد بن مسلمة الثّقفيّ قال:
كانت جميلة
ممّن لا يشكّ في فضيلتها في الغناء، و لم يدّع أحد مقاربتها [5] في ذلك، و كلّ
مدنيّ و مكيّ يشهد لها بالفضل.
وصف مجلس من
مجالسها غنت فيه و غنى فيه مغنو مكة و المدينة
: قال إسحاق و
حدّثني هشام بن المرّيّة المدنيّ قال حدّثني جرير المدنيّ- قال إسحاق: و كانا
جميعا مغنّيين حاذقين شيخين جليلين عالمين ظريفين، و كانا قد أسنّا، فأمّا هشام
فبلغ الثمانين، و أمّا جرير فلا أدري- قال جرير:
وفد ابن سريج و
الغريض و سعيد بن مسجح و مسلم بن محرز المدينة لبعض من وفدوا عليه، فأجمع رأيهم
على النزول على جميلة مولاة بهز، فنزلوا عليها فخرجوا يوما إلى العقيق متنزّهين،
فوردوا على معبد و ابن عائشة فجلسوا إليهما فتحدّثوا ساعة؛ ثم سأل معبد ابن سريج و
أصحابه أن يعرضوا عليهم بعض ما ألّفوا. فقال ابن عائشة:
إنّ للقوم
أعمالا كثيرة حسنة و لك أيضا يا أبا عبّاد، و لكن قد اجتمع علماء مكة، و أنا و أنت
من أهل المدينة، فليعمل كلّ واحد منّا صوتا ساعته ثم يغنّ به. قال/ معبد: يا ابن
عائشة، قد أعجبتك نفسك حتى بلّغتك هذه المرتبة!. قال ابن عائشة: أو غضبت يا أبا
عبّاد! إنّي لم أقل هذا و أنا أريد أن أتنقّصك فإنك لأنت المفاد منه. قال معبد:
أمّا إذ قد اختلفنا و أصحابنا المكّيّون سكوت فلنجعل بيننا حكما. قال ابن عائشة:
إنّ أصحابنا شركاء في الحكومة. قال ابن سريج: على شريطة؛ قال [6]: على أن يكون ما
نغنّي به من الشعر ما حكّمت فيه امرأة. قال ابن عائشة/ و معبد:
[3] المور:
الغبار المتردد، و قيل: التراب تثيره الريح.
[4]
يتكاوسنني، تريد: يتكنفنني و يتزاحمن حولي. ضمن «تكاوس» بمعنى «تكنف» فتعدّى
تعديته؛ إذ الموجود في «كتب اللغة» أن التكاوس التزاحم و التراكم، فهو فعل لازم؛
يقال: تكاوس النخل و الشجر و العشب إذا كثر و التف، و تكاوس النبت إذا التف و سقط
بعضه على بعض.