قال: فصاح جميل
و استخذى و قال: ألا إن النّسيب أخذ من هذا، و ما أنشده حرفا، فقال له عمر: اذهب
بنا إلى بثينة حتى نسلّم عليها. فقال له جميل: قد أهدر لهم السلطان دمي إن وجدوني
عندها، و هاتيك أبياتها. فأتاها عمر حتى وقف على أبياتها و تأنّس حتى كلّم؛ فقال:/
يا جارية، أنا عمر بن أبي ربيعة، فأعلمي بثينة مكاني. فخرجت إليه بثينة في مباذلها
و قالت: و اللّه يا عمر لا أكون من نسائك اللّاتي يزعمن أن قد قتلهنّ الوجد بك؛
فانكسر عمر؛ قال و إذا امرأة أدماء طوالة.
و أخبرني بهذا
الخبر عليّ بن صالح عن أبي هفّان عن إسحاق عن المسيّبيّ و الزّبير فذكر مثل ما
ذكره الزبير و زاد فيه قال: فقال لها قول جميل:
فقالت: إنه
استملى منك فما أفلح؛ و قد قيل: اربط الحمار مع الفرس، فإن لم يتعلّم من جريه
تعلّم من خلقه.
لقي بثينة و
رصده أهلها فهددهم ثم هجرته بثينة و شعره في ذلك
: و ذكر الهيثم
بن عديّ و أصحابه في أخبارهم: أن جميلا طال مقامه بالشأم ثم قدم، و بلغ بثينة خبره
فراسلته مع بعض نساء الحيّ تذكر شوقها إليه و وجدها به و طلبها للحيلة في لقائه، و
واعدته لموضع يلتقيان فيه؛ فسار إليها و حدّثها طويلا و أخبرها خبره بعدها. و قد
كان أهلها رصدوها، فلما فقدوها تبعها أبوها و أخوها حتى هجما عليهما، فوثب جميل
فانتضى سيفه و شدّ عليهما فاتّقياه بالهرب؛ و ناشدته بثينة اللّه إلّا انصرف، و
قالت له: إن أقمت فضحتني، و لعل الحيّ أن يلحقوك. فأبى و قال: أنا مقيم و امضي أنت
و ليصنعوا ما أحبّوا. فلم تزل تناشده حتى انصرف. و قال في ذلك و قد هجرته و انقطع
التلاقي بينهما مدّة: