ألا أسبّ القوم إذ سبّوني
بلى و ما مرّ على دفين [1]
و سابحات بلوي الحجون [2]
قد جرّبوني ثم جرّبوني
حتى إذا شابوا و شيّبوني
أخزاهم اللّه و لا يخزيني
أشباه أعيار على معين [3]
أحسن حسّ أسد حرون
فهنّ يضرطن من اليقين
أنا جميل فتعرّفوني
/ و ما تقنّعت فتنكروني
و ما أعيّنكم لتسألوني
أنمى إلى عاديّة طحون
ينشقّ عنها السّيل ذو الشئون
غمر يدقّ رجح [4] السّفين
ذو حدب [5] إذا يرى حجون
تنحلّ أحقاد الرجال دوني
قال: و رجز جميل أيضا:
أنا جميل في السّنام من معدّ
و قد تقدّمت هذه الأرجوزة. ثم رجز بعده جوّاس فلم يصنع شيئا. قال: فما رأيت غلبة مثلها قطّ.
هجا خوّاتا العذريّ و بني الأحب
: أخبرنا الحرميّ قال حدّثنا الزّبير قال حدّثنا بهلول بن سليمان عن العلاء بن سعيد البلويّ و جماعة غيره من قومه:
أنّ رجلا من بني عذرة كان يقال له خوّات، أمّه بلويّة، و كان شاعرا، و كان جميل ابن جذاميّة. فخرج جميل إلى أخواله بجذام و هو يقول:
جذام سيوف اللّه في كلّ موطن
إذا أزمت يوم اللّقاء أزام [6]
هم منعوا ما بين مصر فذي القرى
إلى الشأم من حلّ به و حرام
بضرب يزيل الهام عن سكناته [7]
و طعن كإيزاغ المخاض تؤام
/ إذا قصرت يوما أكفّ قبيلة
عن المجد نالته أكفّ جذام
فأعطوه مائة بكرة. قال: و خرج خوّات إلى أخواله من بليّ و هو يقول:
إنّ بليّا غرّة يهتدى بها
كما يهتدي الساري بمطلع النجم
هم ولدوا أمّي و كنت ابن أختهم
و لم أتخوّل [8] جذم قوم بلا علم
[2] الحجون: جبل بأعلى مكة.
[3] الأعيار: الحمر. و المعين: الماء العذب الغزير.
[4] الرجح من السفن: الثقيلة الموقرة.
[5] حدب السيل: ارتفاعه. و حجون: بعيد.
[6] أزام: شدّة، و هو مبني على الكسر.
[7] السكنة (بفتح فكسر): مقر الرأس من العنق.
[8] تخوّل: اتخذ خالا. و في الأصول: «أتحوّل» بالحاء المهملة، و هو تصحيف. و الجذم: الأصل.