جاء جرير إلى
باب سكينة بنت الحسين عليه السّلام يستأذن عليها فلم تأذن له، و خرجت إليه جارية
لها فقالت: تقول لك سيّدتي: أنت القائل:
طرقتك صائدة القلوب و ليس ذا
حين الزيارة فارجعي بسلام
قال نعم. قالت:
فألّا أخذت بيدها فرحّبت بها و أدنيت مجلسها و قلت لها ما يقال لمثلها! أنت عفيف و
فيك ضعف، فخذ هذين الألفي الدرهم فالحق بأهلك.
تفضيل سكينة
بنت الحسين له على الفرزدق
: قال
المدائنيّ في خبره هذا و حدّثني أبو يعقوب الثّقفيّ عن الشّعبيّ: أنّ الفرزدق خرج
حاجّا؛ فلما قصى حجّه عدل إلى المدينة فدخل إلى سكينة بنت الحسين عليهما السلام
فسلّم. فقالت له: يا فرزدق، من أشعر الناس؟ قال:
أنا. قالت:
كذبت! أشعر منك الذي يقول:
بنفسي من تجنّبه عزيز
عليّ و من زيارته لمام
و من أمسي و أصبح لا أراه
و يطرقني إذا هجع النّيام
فقال: و اللّه
لو أذنت لي لأسمعتك أحسس منه. قالت: أقيموه فأخرج ثم عاد إليها من الغد فدخل
عليها، فقالت: يا فرزدق، من أشعر الناس. قال: أنا. قالت: كذبت! صاحبك جرير أشعر
منك حيث يقول:
/ فقال: و اللّه لئن أذنت لي لأسمعنّك أحسن
منه، فأمرت به فأخرج. ثم عاد إليها في اليوم الثالث و حولها مولّدات لها كأنهنّ
التماثيل؛ فنظر الفرزدق إلى واحدة منهنّ فأعجب بها و بهت ينظر إليها. فقالت له
سكينة: يا فرزدق، من أشعر الناس؟ قال: أنا. قالت: كذبت! صاحبك أشعر منك حيث يقول:
إنّ العيون التي في طرفها مرض
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللّبّ حتى لا حراك به
و هنّ أضعف خلق اللّه أركانا
أتبعتهم مقلة إنسانها غرق
هل ما ترى تارك للعين إنسانا
فقال: و اللّه
لئن تركتني لأسمعنّك أحسن منه؛ فأمرت بإخراجه. فالتفت إليها و قال: يا بنت رسول
اللّه- صلى اللّه عليه و سلّم- إنّ لي
[1]
الضجيع: الحليل، و هجره هاهنا أن يغيب عنها فيهجر فراشها، فأما إذا أقربت فهي أكرم
عليه من أن يهجر فراشها. و كتم الحديث أي لا تحدث أحدا بريبة. و السر هو النكاح، و
منه قوله تعالى: وَ لكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا. يصفها بأن ليس
عندها إلا العفاف.