و
كان أشعب من أحسن الناس صوتا. قال حماد: و الغناء الذي غنّاه فيه أشعب لابن سريج.
أخبرني عليّ بن
سليمان قال حدّثنا أبو سعيد السّكّريّ عن الرّياشيّ عن الأصمعيّ قال و ذكر المغيرة
بن حجناء مسعود بن خالد بن مالك بن ربعيّ بن سلمى بن جندل قال حدّثني مسحل بن كسيب
بن عمران بن عطاء بن الخطفى،/ و أمّه الرّبداء بنت جرير- و هذا الخبر و إن كان فيه
طول محتو على سائر أخبار من ناقض جريرا أو اعتنّ [2] بينه و بين الفرزدق و غيره
فذكرته هنا لاشتماله على ذلك في بلاغ و اختصار-:
أنّ جريرا قدم
على الحكم بن أيوب بن يحيى بن الحكم بن أبي عقيل، و هو خليفة للحجّاج يومئذ، فمدحه
جرير فقال:
بعد انفضاج [8]
البدن و اللحم زيم فلما قدم عليه استنطقه فأعجبه ظرفه و شعره؛ فكتب إلى الحجّاج:
إنه قدم عليّ أعرابيّ شيطان من الشياطين. فكتب إليه أن أبعث به إليّ، ففعل. فقدم/
عليه فأكرمه الحجّاج و كساه جبّة صبريّة [9] و أنزله فمكث أياما. ثم أرسل إليه بعد
نومه فقالوا: أجب الأمير؛ فقال: ألبس ثيابي؛ فقالوا: لا! و اللّه لقد أمرنا أن
نأتيه بك على الحال التي نجدك عليها؛ ففزع جرير و عليه قميص غليظ و ملاءة صفراء.
فلما رأى ما به رجل من الرّسل دنا منه و قال: لا بأس عليك، إنما دعاك للحديث. قال
جرير: فلما دخلت عليه قال: إيه يا عدوّ اللّه! علام تشتم الناس و تظلمهم؟ فقلت:
جعلني اللّه فداء الأمير، و اللّه إني ما أظلمهم و لكنّهم يظلمونني فأنتصر. ما لي
و لابن أمّ غسّان! و ما لي و للبعيث! و ما لي
[7] كذا في
س. و المعقد: موضع العقد. و في حديث الدعاء: «أسألك بمعاقد العز من عرشك». و في
سائر الأصول: «في مقعد العز».
و في
«ديوانه»: «في ضئضئ المجد».
[8] كذا في
«ديوانه». و الانفضاج: السمن و الضخم. و في الأصول: «انفضاخ» بالخاء المعجمة و هو
تصحيف. و البدن: النوق. و الزيم:
المتفرق على
رءوس الأعضاء.
[9] صبرية:
نسبة إلى صبر (بفتح فكسر) و هو الجبل الشامخ العظيم المطل على قلعة تعز (بفتح
أوّله و كسر ثانيه و تشديد الزاي المعجمة)، فيه عدّة حصون و قرى باليمن.