الثاني
فهو سالم مولى/ أبي حذيفة. و كان خالد قد أمر كلّ من أسر أسيرا أن يضرب عنقه،
فأطلق عبد اللّه بن عمر و سالم مولى أبي حذيفة أسيرين كانا معهما. فبعث رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و سلّم عليّا رضي اللّه عنه بعد فراغه من حنين و بعث معه بإبل و
ورق و أمره أن يديهم فوداهم، ثم رجع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فسأله
فقال عليّ: قدمت عليهم فقلت لهم: هل لكم أن تقبلوا هذا الجمل بما أصيب منكم من
القتلى و الجرحى و تحلّلوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم؟ قالوا نعم. فقلت
لهم: فهل لكم أن تقبلوا الثاني بما دخلكم من الرّوع و الفزع؟ قالوا نعم. فقلت لهم:
فهل لكم أن تقبلوا الثالث و تحلّلوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ممّا علم و
ممّا لم يعلم؟ قالوا نعم. قال: فدفعته إليهم، و جعلت أديهم، حتى إني لأدي ميلغة
[1] الكلب، و فضلت فضلة فدفعتها إليهم. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
«أ فقبلوها؟» قال نعم. قال: «فو الذي أنا عبده لهي أحبّ إليّ من حمر النّعم».
ما وقع بين
قريش و بين بني عامر بن عبد مناة في الجاهلية
: قال ابن دأب:
و أمّا سبب قتلهم القرشيّين، فإنه كان نفر من قريش بضعة عشر أقبلوا من اليمن حتى
نزلوا على ماء من مياه بني عامر بن عبد مناة بن كنانة، و كان يقال لهم «لعقة
الدّم» و كانوا ذوي بأس شديد. فجاءت إليهم بنو عامر فقالوا للقرشيّين: إيّاكم أن
يكون معكم رجل من فهم؛ لأنه كان له عندهم ذحل. قالوا: لا و اللّه ما هو معنا، و هو
معهم. فلما راحوا أدركهم العامريّون ففتّشوهم فوجدوا الفهميّ معهم في رحالهم،
فقتلوه و قتلوهم و أخذوا أموالهم. فقال راجزهم:
و كان فيمن قتل
يومئذ عفّان بن أبي العاصي أبو عثمان بن عفّان، و عوف بن عوف أبو عبد الرحمن بن
عوف، و الفاكه بن المغيرة، و الفاكه بن الوليد بن المغيرة. فأرادت قريش قتالهم حتى
خذلتهم بنو الحارث بن عبد مناة فلم
[2] هي أخت
أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه. و قد وردت هذه الأبيات في
«سيرة ابن هشام» باختلاف في كلماتها، و ذكر أن بعضهم يقول: إنها لسلمى و آخر يقول:
إنها لقائل من بني جذيمة.
[3] في
«الروض الأنف» للسهيلي (ج 2 ص 285 طبع مصر) و «معجم البلدان» لياقوت في الكلام على
الغميصاء: «ألظت». و ألظ بالشيء و لظ به: لزمه.