responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 6  صفحه : 504

قال: و توقّعت مجي‌ء الخادم إليّ، فقلت للرجل: بأبي أنت! خذ العود فشدّ وتر كذا و ارفع الطبقة و حطّ دستان كذا؛ ففعل ما أمرته. و خرج الخادم فقال لي: تغنّ عافاك اللّه؛ فتغنّيت بصوت الرجل الأوّل على غير ما غنّاه، فإذا جماعة من الخدم يحضرون حتى استندوا إلى الأسرّة و قالوا: ويحك! لمن هذا الغناء؟ قلت: لي؛ فانصرفوا عنّي بتلك السرعة، و خرج إليّ الخادم و قال: كذبت! هذا الغناء لابن جامع. و دار الدور؛ فلما انتهى الغناء إليّ قلت للجارية التي تلي الرجل: خذي العود،/ فعلمت ما أريد فسوّت العود على غنائها للصوت الثاني فتغنّيت به. فخرجت إليّ الجماعة الأولى من الخدم فقالوا: ويحك! لمن هذا؟ قلت: لي؛ فرجعوا و خرج الخادم [1].

فتغنيت بصوت لي فلا يعرف إلا بي، و سقوني فتزيّدت، و هو:

عوجي عليّ فسلّمي جبر

فيم الصدود و أنتم سفر

ما نلتقي إلا ثلاث منى‌

حتى يفرّق بيننا الدهر [2]

قال: فتزلزلت و اللّه الدار عليهم. و خرج الخادم فقال: ويحك! لمن هذا الغناء؟ قلت: لي. فرجع ثم خرج فقال: كذبت! هذا غناء ابن جامع. فقلت: فأنا إسماعيل بن جامع. فما شعرت إلا و أمير المؤمنين و جعفر بن يحيى قد أقبلا من وراء الستر الذي كان يخرج منه الخادم. فقال لي الفضل بن الربيع: هذا أمير المؤمنين قد أقبل إليك.

فلما صعد السرير و ثبت قائما. فقال لي: ابن جامع؟ قلت: ابن جامع، جعلني اللّه فداك يا أمير المؤمنين. قال:

ويحك! متى كنت في هذه البلدة؟ قلت: آنفا، دخلتها في الوقت الذي علم بي أمير المؤمنين. قال: اجلس ويحك يا ابن جامع! و مضى هو و جعفر فجلسا في بعض تلك المجالس، و قال لي: أبشر و ابسط أملك؛ فدعوت له. ثم قال:

غنّني يا ابن جامع. فخطر بقلبي صوت الجارية الحميراء فأمرت الرجل/ بإصلاح العود على ما أردت من الطبقة، فعرف ما أردت، فوزن العود وزنا و تعاهده حتى استقامت الأوتار و أخذت الدساتين مواضعها، و انبعثت أغنّي بصوت الجارية الحميراء. فنظر الرشيد إلى جعفر و قال: أسمعت كذا قطّ؟ فقال: لا و اللّه/ ما خرق مسامعي قطّ مثله.

فرفع الرشيد رأسه إلى خادم بالقرب منه فدعا بكيس فيه ألف دينار فجاء به فرمى به إليّ، فصيّرته تحت فخذي و دعوت لأمير المؤمنين. فقال: يا ابن جامع، ردّ على أمير المؤمنين هذا الصوت، فرددته و تزيّدت فيه. فقال له جعفر: يا سيّدي، أ ما تراه كيف يتزيّد في الغناء! هذا خلاف ما سمعناه أوّلا و إن كان الأمر في اللحن واحدا. قال:

فرفع الرشيد رأسه إلى ذلك خادم فدعا بكيس آخر فيه ألف دينار، فجاءني به فصيّرته تحت فخذي. و قال: تغنّ يا إسماعيل ما حضرك. فجعلت أقصد الصوت بعد الصوت مما كان يبلغني أنه يشتري عليه الجواري فأغنّيه؛ فلم أزل أفعل ذلك إلى أن عسعس الليل. فقال: أتعبناك يا إسماعيل هذه الليلة بغنائك، فأعد على أمير المؤمنين الصوت (يعني صوت الجارية) فتغنّيت. فدعا الخادم و أمره فأحضر كيسا ثالثا فيه ألف دينار. قال: فذكرت ما كانت الجارية قالت لي فتبسّمت، و لحظني فقال: يا ابن الفاعلة، ممّ تبسمت؟ فجثوت على ركبتيّ و قلت: يا أمير المؤمنين، الصدق منجاة. فقال لي بانتهار: قل. فقصصت عليه خبر الجارية. فلما استوعبه قال: صدقت، قد يكون هذا و قام. و نزلت من السرير و لا أدري أين أقصد. فابتدرني فرّاشان فصارا بي إلى دار قد أمر بها أمير المؤمنين؛ ففرشت و أعدّ فيها جميع ما يكون في مثلها من آلة جلساء الملوك و ندمائهم من الخدم، و من كل آلة و خول إلى جوار


[1] الذي يتتبع سياق الخبر يشعر بأن هاهنا نقصا. و لعل أصل الجملة: «و خرج الخادم فقال كذبت فتغنيت ... إلخ».

[2] كذا في جميع الأصول هنا. و في «ترجمة العرجي» (ج 1 ص 408 من «الأغاني» طبع دار الكتب المصرية) و فيما سيأتي في ب، س:

«النفر». و النفر: هو نفر الحاج من منى و يكون في اليوم الثاني و يسمى النفر الأول. و الثاني يكون في اليوم الثالث من أيام التشريق.

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 6  صفحه : 504
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست