غنى
عند الرشيد بين برصوما و زلزل بعد إبراهيم الموصلي فأجاد:
قال و حدّثني
عبد الرحمن بن أيوب قال حدّثنا أبو يحيى العباديّ قال حدّثني ابن أبي الرجال قال
حدّثني زلزل قال:
أبطأ إبراهيم
الموصليّ عن الرشيد، فأمر مسرورا الخادم يسأل عنه- و كان أمير المؤمنين قد صيّر
أمر المغنّين إليه- فقيل له: لم يأت بعد. ثم جاء في آخر النهار، فقعد بيني و بين
برصوما، فغنّى صوتا له فأطربه و أطرب و اللّه كلّ من كان في المجلس. قال: فقام ابن
جامع من مجلسه فقعد بيني و بين برصوما ثم قال: أما و اللّه يا نبطيّ ما أحسن
إبراهيم و ما أحسن غيركما. قال: ثم غنّى فنسينا أنفسنا، و اللّه لكأنّ العود كان
في يده.
شهد له
إبراهيم الموصلي بجودة الإيقاع:
قال و حدّثني
عمر بن شبّة قال حدّثني يحيى بن إبراهيم بن عثمان بن نهيك قال:
دعا أبي الرشيد
يوما، فأتاه و معه جعفر بن يحيى، فأقاما عنده، و أتاهما ابن جامع فغنّاهما يومهما.
فلما كان الغد انصرف الرشيد و أقام/ جعفر. قال: فدخل عليهم إبراهيم الموصلي فسأل
جعفرا عن يومهم؛ فأخبره و قال له:
لم يزل ابن
جامع يغنّينا إلا أنه كان يخرج من الإيقاع- و هو في قوله يريد أن يطيب نفس إبراهيم
الموصليّ- قال:
فقال له
إبراهيم: أ تريد أن تطيّب نفسي بما لا تطيب به! لا و اللّه، ما ضرط ابن جامع منذ
ثلاثين سنة إلا بإيقاع، فكيف يخرج من الإيقاع!.
احتال في عزل
العثماني عن مكة أيام الرشيد:
قال و حدّثني
يحيى بن الحسن بن عبد الخالق قال حدّثني أبي قال:
كان سبب عزل العثمانيّ
[1] أن ابن جامع سأل الرشيد أن يأذن له في المهارشة/ بالدّيوك و الكلاب و لا يحدّ
في النبيذ، فأذن له و كتب له بذلك كتابا إلى العثمانيّ. فلما وصل الكتاب قال:
كذبت! أمير المؤمنين لا يحلّ ما حرّم اللّه، و هذا كتاب مزوّر. و اللّه لئن ثقفتك
[2] على حال من هذه الأحوال لأؤدّبنّك أدبك. قال: فحذره ابن جامع.
و وقع بين
العثماني و حماد اليزيديّ، و هو على البريد، ما يقع بين [3] العمال. فلما حجّ
هارون، قال حماد لابن جامع: أعنّي عليه حتى أعزله؛ قال: أفعل. قال: فابدأ أنت و
قل: إنه ظالم فاجر و استشهدني. فقال له ابن جامع:
هذا لا يقبل في
العثمانيّ، و يفهم أمير المؤمنين كذبنا، و لكني أحتال من جهة ألطف من هذه. قال:
فسأله هارون ابتداء فقال له: يا ابن جامع، كيف أميركم العثماني؟ قال: خير أمير و
أعدله و أفضله و أقومه بحقّ لو لا ضعف في عقله. قال: و ما ضعفه؟ قال: قد أفنى
الكلاب. قال: و ما دعاه إلى إفنائها؟ قال: زعم أن كلبا دنا من عثمان بن عفّان يوم
ألقى على الكناس فأكل وجهه، فغضب على الكلاب فهو يقتلها. فقال: هذا ضعيف، اعزلوه!
فكان سبب عزله.
[1]
هو محمد بن عبد اللّه بن سعيد بن المغيرة بن عمرو بن عثمان بن عفان. (انظر كتاب
«المنتقى في أخبار أم القرى» ج 2 ص 186 و «الطبري» ق 3 ص 74).