يراه؛
ثم خرج عشيّا و قد حمله على بغلة له يعرفها المنصور، و خلع عليه ثيابا يعرفها له.
فلما رآه المنصور قال: من هذا؟ فقيل: حكم الواديّ. فحرّك رأسه مليّا ثم قال: الآن
علمت أن هذا يستحقّ ما يعطاه. قيل: و كيف ذلك يا أمير المؤمنين و أنت تنكر ما
يبلغك منه؟ قال: لأنّ فلانا لا يعطي شيئا من ماله باطلا و لا يضعه إلا في حقه.
اعترض المهدي
في الطريق و غناه فأجازه:
أخبرني الحسن
بن عليّ قال حدّثنا ابن أبي سعد [1] قال حدّثنا قعنب بن المحرز الباهليّ عن
الأصمعيّ قال:
رأيت حكما
الواديّ حين مضى المهديّ إلى بيت المقدس [2]، و قد عارضه في الطريق و أخرج دفّه و
نقر فيه و له شعيرات على رأسه و قال: أنا و اللّه يا أمير المؤمنين القائل:
و متى تخرج العرو
س فقد طال حبسها
فتسرّع إليه
الحرس؛ فقال: دعوه [3]، و سأل عنه فأخبر أنه حكم الواديّ؛ فوصله و أحسن إليه.
لحن حكم في هذا
الشعر المذكور هزج بالبنصر. و فيه ألحان لغيره، و قد ذكرت في أخبار الوليد بن
يزيد.
أطرب الهادي
دون غيره من المغنين فأعطاه ثلاث بدر:
أخبرني الحسن
قال حدّثنا ابن مهرويه قال حدّثنا عليّ بن محمد النّوفلي عن صالح [4] الأضجم عن
حكم الواديّ قال:
كان الهادي
يشتهي من الغناء ما توسّط و قلّ ترجيعه و لم يبلغ أن يستخفّ جدّا؛ فأخرج ليلة ثلاث
بدر و قال:
من أطربني فهي
له. فغنّاه ابن جامع و إبراهيم الموصليّ و الزّبير بن دحمان فلم يصنعوا شيئا، و
عرفت ما أراد فغنّيته لابن سريج:
[5] كذا في
أ، ء و نسخة الشنقيطي مصححة بقلمه. و في سائر الأصول: «تبسم».
[6] كذا في
الجزء الخامس من «الأغاني» (ص 27 من هذه الطبعة). و يسن (بالبناء للمجهول): يسوّك.
و في الأصول هنا: «يستن».
[7] الضرو:
شجرة الكمكام، و هو شجر طيب الريح يستاك به و يجعل ورقه في العطر، و هو المحلب.
قال أبو حنيفة الدينوري: أكثر منابت الضرو باليمن و هو من شجر الجبال كالبلوط
العظيم له عناقيد كعناقيد البطم غير أنه أكبر حبا، و يطبخ ورقه فإذا نضج صفى ورد
ماؤه إلى النار فيعقد، يتداوى به من خشونة الصدر و وجع الحلق. (راجع «شرح القاموس»
مادة ضرى).
[8] براقش:
واد باليمن شجير و كذلك هيلان. و أكثر نبات الضر و باليمن. و قيل: براقش و هيلان
مدينتان عاديتان خربتا. و يسكن براقش بنو الأوبر من بلحارث بن كعب و مراد. و سميت
براقش باسم كلبة و هي التي قيل فيها: «على أهلها تجني براقش». (راجع «معجم ما
استعجم» و «معجم البلدان» في اسم براقش، و «شرح القاموس» و «اللسان» مادة برقش).
[9] العتم:
شجر الزيتون. و في ب، س: «العنم» (بالنون) و هو تصحيف.