هو الحكم بن
ميمون مولى الوليد بن عبد الملك. و كان أبوه حلّاقا يحلق رأس الوليد، فاشتراه
فأعتقه. و كان حكم طويلا أحول، يكري الجمال ينقل عليها الزيت من الشام إلى
المدينة. و يكنى أبا يحيى. و قال مصعب بن عبد اللّه بن الزّبير: هو حكم بن يحيى بن
ميمون، و كان أصله من الفرس، و كان جمّالا ينقل الزيت من وادي [1] القرى إلى المدينة.
غنى الوليد
بن عبد الملك و عاش إلى زمن الرشيد:
و ذكر حمّاد بن
إسحاق عن أبيه أنه كان شيخا طويلا أحول أجنأ [2] يخضب بالحنّاء، و كان جمّالا يحمل
الزيت من جدّة إلى المدينة، و كان واحد دهره في الحذق، و كان ينقر بالدفّ و يغنّي
مرتجلا، و عمّر عمرا طويلا، غنّى الوليد بن عبد الملك، و غنّى الرشيد و مات في
الشّطر من خلافته، و ذكر أنه أخذ الغناء من عمر الوادي. قال: و كان بوادي القرى
جماعة من المغنّين فيهم عمر بن زاذان- و قيل: ابن داود بن زاذان، و هو الذي كان
يسميه الوليد جامع لذّتي- و حكم بن يحيى، و سليمان، و خليد بن عتيك- و قيل: ابن
عبيد- و يعقوب الوادي. و كل هؤلاء كان يصنع فيحسن.
مدح إسحاق
الموصلي غناءه:
أخبرني يحيى بن
عليّ قال حدّثني حمّاد قال قال لي أبي:
أحذق من رأيت
من المغنين أربعة: جدّك و حكم و فليح بن العوراء و سياط. قلت: و ما بلغ من حذقهم؟
قال:
كانوا يصنعون
فيحسنون، و يؤدّون [3] غناء غيرهم/ فيحسنون. قال إسحاق: و قال لي أبي:/ ما في
هؤلاء الذين تراهم من المغنّين أطبع من حكم و ابن جامع، و فليح أدرى منهما بما
يخرج من رأسه.
غنى الوليد
بن يزيد بشعر مطيع بن إياس فأجازه:
و ذكر هارون بن
محمد بن عبد الملك الزيات أن أحمد بن المكيّ حدّثه عن أبيه قال حدّثني حكم
الواديّ،
[1]
وادي القرى: واد بين الشام و المدينة و هو بين تيماء و خيبر. سمي بذلك لأنه من
أوله إلى آخره قرى منظومة كانت منازل قضاعة ثم جهينة و عذرة و بلى، و قديما كانت
منازل ثمود و عاد و بها أهلكهم اللّه تعالى.