طلب
المنصور قصيدته العينية فلم يعرفها أحد من أهله و عرفها مؤدب فأجازه:
أخبرني أحمد بن
عبيد اللّه بن عمّار قال حدّثني أحمد بن عمر النحويّ قال حدّثني أبي عن الهيثم بن
عديّ عن ابن عياش قال:
لما مات جعفر بن
المنصور الأكبر مشى المنصور في جنازته من المدينة [1] إلى/ مقابر قريش [2]، و مشى
الناس أجمعون معه حتى دفنه، ثم انصرف إلى قصره. ثم أقبل على الربيع [3] فقال: يا
ربيع، انظر من في أهلي ينشدني:
أ من المنون و ريبها تتوجّع
حتى أتسلّى بها
عن مصيبتي. قال الربيع: فخرجت إلى بني هاشم و هم بأجمعهم حضور، فسألتهم عنها، فلم
يكن فيهم أحد يحفظها، فرجعت فأخبرته؛ فقال: و اللّه لمصيبتي بأهل بيتي ألّا يكون
فيهم أحد يحفظ هذا لقلّة رغبتهم في الأدب أعظم و أشدّ عليّ من مصيبتي بابني. ثم
قال: انظر هل في القوّاد و العوامّ من الجند من يعرفها، فإني أحبّ أن أسمعها من
إنسان ينشدها. فخرجت فاعترضت الناس فلم أجد أحدا ينشدها إلا شيخا كبيرا مؤدّبا قد
انصرف من موضع تأديبه، فسألته: هل تحفظ شيئا من الشعر؟ فقال: نعم، شعر أبي ذؤيب.
فقلت: أنشدني. فابتدأ هذه القصيدة العينيّة. فقلت له: أنت بغيتي. ثم أوصلته إلى
المنصور فاستنشده إياها. فلما قال:
[2] مقابر
قريش ببغداد: مقبرة مشهورة و محلة فيها خلق كثير و عليها سور بين الحربية و مقبرة
أحمد بن حنبل رضي اللّه عنه و الحريم الطاهري، و بينها و بين دجلة شوط فرس جيد، و
هي التي فيها قبر موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين
ابن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، و كان جعفر الأكبر هو أول من دفن بها، و المنصور
أول من جعلها مقبرة لما ابتنى بها مدينته سنة 146 ه.
[5] جون
السراة: أسود الظهر أو أبيضه، فإن الجون يطلق على الأسود و الأبيض. و يريد بجون
السراة حمارا. و الجدائد: الأتن، واحدها جدود (بفتح أوله) و هي التي لا لبن لها.
[6] كذا في
أ، ء، م. و في ب، ح: «سلا أبو ذؤيب عن هذا القول». و في س: «سل أبا ذؤيب عن هذا
القول».
[7] هو خالد
بن زهير الهذلي، و كان ابن أخت أبي ذؤيب، و قيل: ابن أخيه.