مدح وضّاح اليمن الوليد بن عبد الملك، و هو يومئذ خليفة، و وعدته أمّ البنين بنت عبد العزيز بن مروان أن ترفده [1] عنده و تقوّي أمره. فقدم عليه وضّاح و أنشده قوله فيه:
صوت
صبا قلبي و مال إليك ميلا
و أرّقني خيالك يا أثيلا [2]
يمانية تلمّ بنا فتبدي
دقيق محاسن و تكنّ [3] غيلا [4]
دعينا ما أممت [5] بنات [6] نعش
من الطّيف الذي ينتاب ليلا
و لكن إن أردت فصبّحينا
إذا أمّت ركائبنا سهيلا [7]
فإنك لو رأيت الخيل تعدو
سراعا [8] يتخذن النّقع ذيلا
/ إذا لرأيت فوق الخيل أسدا [9]
تفيد مغانما و تفيت [10] نيلا
إذا سار الوليد بنا و سرنا
إلى خيل نلفّ بهنّ خيلا
و ندخل بالسرور ديار قوم
و نعقب آخرين أذى و ويلا
فأحسن الوليد رفده و أجزل صلته. و مدحه بعدّة قصائد. ثم نمي إليه أنه شبّب بأم البنين، فجفاه و أمر بأن يحجب عنه، و دبر في قتله.
و مدحه وضّاح بقوله أيضا:
ما بال عينك لا تنام كأنما
طلب الطبيب بها قذى فأضلّه
بل ما لقلبك لا يزال كأنه
نشوان أنهله النديم و علّه
ما كنت أحسب أن أبيت ببلدة
و أخي بأخرى لا أحلّ محلّه
[2] أثيل: ترخيم أثيلة، و هو اسم امرأة.
[3] كذا في ب، س و «شرح الحماسة» (ص 316 طبع مدينة بن سنة 1828 م). و في سائر الأصول و «تجريد الأغاني»: «و تجن».
[4] الغيل: الساعد الريان الممتلئ. و في «شرح الحماسة» في التعليق على هذا البيت: «دقيق محاسنها كالعين و الأنف و الأسنان و الفم.
و تكن غيلا: أي تستر ما جل منها كالمعصم و الساعد و الساق و الفخذ».
[5] في «تجريد الأغاني»: «ما أممنا».
[6] بنات نعش: من الكواكب الشامية، و كان غزوه نحو الروم. يقول: دعيني من طيفك حين أؤم بنات نعش، أي حين أقصد قصد الشام للغزو.
[7] يريد إذا اتجهت ركائبنا نحو اليمن. و رواية هذا البيت في «شرح الحماسة» و «تجريد الأغاني»:
و لكن إن أردت فهيجينا
إذا رمقت بأعينها سهيلا
[8] في ح و «شرح الحماسة» و «تجريد الأغاني»: «عوابس».
[9] رواية هذا الشطر في «شرح الحماسة»:
رأيت على متون الخيل جنا
[10] كذا في «شرح الحماسة» و «تجريد الأغاني». يريد: تفيد المغانم من أعدائها و تفيتهم نيل شيء منها. و في جميع الأصول: «تقيد مغانما و تفيد نيلا».