الأستاذ
و السيّد. قال: قد غنّيت لنفسي ستين صوتا فأحبّ ألّا تغيّروها و لا تنتحلوها. فقال
له أبي: أفعل ذلك يا أبا وهب، و لكن أيّ ذلك كرهت: أن يكون في غنائك فضل فأقصّر
عنه فيعرف فضلك عليّ فيه، أو أن يكون فيه نقص فأحسنه فينسب إحساني إليك و يأخذه
الناس عني لك؟ [قال] [1]: لقد استعفيت من غير مكروه. قال الخزاعيّ/ في خبره: ثم
قال لي إسحاق: كان سياط خزاعيّا، و كان له زامر يقال له حبال، و ضارب يقال له عقاب.
قال حماد قال أبي: أدركت أربعة كانوا أحسن الناس غناء، سياط أحدهم. قال: و كان
موته في أوّل أيام موسى الهادي.
زاره ابن
جامع في مرض موته فأوصاه بالمحافظة على غنائه:
أخبرني يحيى
قال حدّثنا أبو أيوب عن مصعب قال:
دخل ابن جامع
على سياط و قد نزل به الموت؛ فقال له: أ لك حاجة؟ فقال: نعم، لا تزد في غنائي شيئا
و لا تنقص منه، دعه رأسا برأس، فإنما هو ثمانية عشر صوتا.
دعاه إخوان
له فمات عندهم فجأة:
أخبرنا محمد بن
مزيد قال حدّثنا حمّاد قال حدّثني محمد بن حديد أخو النّضر بن حديد:
أن إخوانا
لسياط دعوه، فأقام عندهم و بات [2]، فأصبحوا فوجدوه ميّتا في منزلهم، فجاءوا إلى
أمّه و قالوا:
يا هذه، إنّا
دعونا ابنك لنكرمه و نسرّ به و نأنس بقربه فمات فجأة، و ها نحن بين يديك فاحتكمي
ما شئت؛ و نشدناك اللّه ألّا تعرّضينا للسلطان أو تدّعي فيه علينا ما لم نفعله.
فقالت: ما كنت لأفعل، و قد صدقتم، و هكذا مات أبوه فجأة. قال: فجاءت معنا فحملته
إلى منزلها فأصلحت أمره و دفنته. و قد ذكرت هذه القصة بعينها في وفاة نبيه
المغنّي، و خبره في ذلك يذكر مع أخباره إن شاء اللّه تعالى.
غنى أحمد بن
المكي إبراهيم بن المهدي صوتا له فاستحسنه:
أخبرنا يحيى بن
عليّ و عيسى بن الحسين الزيات [3]- و اللفظ له- قالا حدّثنا أبو أيوب قال حدّثنا
أحمد بن المكّيّ قال:
/ «غنّيت
إبراهيم بن المهديّ لسياط:
ضاف قلبي الهوى فأكثر سهوي
فاستحسنه جدّا،
و قال لي: ممن أخذته؟ قلت: من جارية أبيك قرشيّة الزّبّاء؛ فقال: أشعرت أنه/ كان
لأبي ثلاث جوار محسنات كلّهن تسمّى قرشيّة، منهن قرشيّة الزباء و قرشية السوداء و
قرشية البيضاء، و كانت الزباء أحسنهن غناء- يعني التي أخذت منها هذا الصوت- قال: و
كنت أسمعها كثيرا تقول: قد سمعت المغنّين و أخذت عنهم و تفقّدت أغانيهم، فما رأيت
فيهم مثل سياط قطّ. هذه الحكاية من رواية عيسى بن الحسين خاصّة.
[3] كذا في
أكثر الأصول. و في ح: «عيسى بن الحسين» (بسقوط كلمة: الزيات). و لم نجد في المراجع
التي بين أيدينا و لا فيما تقدّم من «الأغاني» شيخا روى عنه أبو الفرج اسمه: «عيسى
بن الحسين الزيات». و لكن الذي سبقت رواية أبي الفرج عنه في أكثر من موضع هو:
«عيسى بن الحسين الورّاق».