/ فغنّاه. ثم قال: اسقني يا غلام بزبّ فرعون،
فأتاه بقدح معوجّ فيه طول فسقاه به عشرين قدحا. ثم أتاه الحاجب فقال: أصلح اللّه
أمير المؤمنين، الرجل الذي طلبت بالباب؛ فقال: أدخله، فدخل غلام شابّ لم أر أحسن
منه وجها [3] في رجله فدع [4]، فقال: يا سبرة اسقه كأسا، فسقاه، ثم قال له: غنني:
و هي إذ ذاك عليها مئزر
و لها بيت جوار من لعب
فغنّاه، فنبذ
إليه أحد ثوبيه، ثم قال: غنني:
طرق الخيال فمرحبا
ألفا برؤية زينبا
فغضب معبد و
قال: يا أمير المؤمنين، إنا مقبلون إليك بأقدارنا و أسناننا، و إنك تتركنا بمزجر
الكلب و أقبلت على هذا الصبي؛ فقال: و اللّه يا أبا عبّاد ما جهلت قدرك و لا
سنّك،/ و لكن هذا الغلام طرحني على مثل الطّياجن [5] من حرارة غنائه. فسألت عن
الغلام؟ فإذا هو ابن عائشة.
كان في حانة
فطلبه المنصور فجاءه و أنشده من شعر هفان بن همام:
حدّثني الحسن
بن محمد المادرانيّ الكاتب قال حدّثني الرياشيّ عن العتبيّ، و أخبرني به هاشم بن
محمد عن الرياشي- و ليس خبره بتمام هذا- قال:
طلب المنصور
حمّادا الراوية، فطلب ببغداد فلم يوجد، و سئل عنه إخوانه فعرّفوا من سألهم عنه أنه
بالبصرة، فوجّهوا إليه برسول يشخصه. قال الرسول: فوجدته في حانة و هو عريان يشرب
نبيذا من إجّانة [6] و على سوأته رأس دستجة [7]، فقلت: أجب أمير المؤمنين. فما
رأيت رسالة أرفع و لا حالة أوضع من/ تلك. فأجاب، فأشخصته إليه. فلما مثل بين يديه،
قال له: أنشدني شعر هفّان بن همّام بن نضلة يرثي أباه؛ فأنشده:
خليلّ عوجا إنها حاجة لنا
على قبر همّام سقته الرواعد
على قبر من يرجى نداه و يبتغى
جداه إذا لم يحمد الأرض رائد
[1]
ورد صدر هذا البيت في «اللسان» مادة «بشم» هكذا:
أتذكر يوم تصقل عارضيها
و صدر هذا
البيت في التهذيب:
أتذكر إذ تودعنا سليمى
[2] البشام: شجر طيب الريح و الطعم يستاك به.
يعني بالبيت أنها أشارت بسواكها فكان ذلك وداعها و لم تتكلم خيفة الرقباء.
[3] في ب، س:
«لم أر ... وجها من رجل في رجله ... إلخ» و لا يستقيم الكلام بهذه الزيادة.