كيف
أنت يا حماد و كيف حالك؟ فقلت بخير يا أمير المؤمنين؛ قال: أ تدري فيم بعثت إليك؟
قلت: لا؛ قال: بعثت إليك لبيت خطر ببالي لم أدر من قاله؛ قلت: و ما هو؟ فقال:
فدعوا بالصّبوح يوما فجاءت
قينة في يمينها إبريق
قلت: هذا يقوله
عديّ بن زيد في قصيدة له؛ قال: فأنشدنيها، فأنشدته:
قال: فطرب، ثم
قال: أحسنت و اللّه يا حمّاد، يا جارية اسقيه، فسقتني شربة ذهبت بثلث عقلي. و قال:
أعد، فأعدت، فاستخفه الطرب حتى نزل عن فرشه، ثم قال للجارية الأخرى: اسقيه، فسقتني
شربة ذهبت بثلث عقلي.
فقلت: إن سقتني
الثالثة افتضحت، فقال: سل حوائجك، فقلت: كائنة ما كانت؟ قال: نعم؛ قلت: إحدى
الجاريتين؛ فقال لي: هما جميعا لك بما عليهما و ما لهما، ثم قال للأولى: اسقيه،
فسقتني شربة سقطت معها، فلم أعقل حتى أصبحت فإذا بالجاريتين عند رأسي، و إذا عدّة
من الخدم مع كل واحد منهم بدرة، فقال لي أحدهم:
أمير المؤمنين
يقرأ عليك السلام و يقول لك: خذ هذه فانتفع بها، فأخذتها و الجاريتين و انصرفت.
هذا لفظ حمّاد عن أبيه. و لم يقل أحمد بن عبيد في خبره أنه سقاه شيئا، و لكنّه ذكر
أنه طرب لإنشاده، و وهب له الجاريتين لمّا طلب إحداهما، و أنزله في دار، ثم نقله
من غد إلى منزل أعدّه له، فانتقل إليه فوجد فيه الجاريتين و ما لهما و كلّ ما
يحتاج إليه، و أنه أقام عنده مدّة فوصل إليه مائة ألف درهم، و هذا هو الصحيح؛ لأن
هشاما لم يكن يشرب و لا يسقي أحد بحضرته مسكرا، و كان ينكر ذلك و يعيبه و يعاقب
عليه.
/ في أبيات
عديّ المذكورة في هذا الخبر غناء، نسبته:
[1]
الموهوق: المشدود بالوهق، و هو الحبل المغار يرمى فيه أنشوطة فتؤخذ فيه الدابة و
الإنسان.
[2] الفرع:
الشعر. و الأثيث: الكثير، يطلق على الشعر و على البدن الممتلئ اللحم، و هو المراد
هنا. و الصلت: الواضح.