ما
كان بينه و بين مروان بن أبي حفصة في حضرة الوليد:
أخبرني يحيى بن
عليّ المنجّم قال حدّثني أبي قال حدّثني إسحاق الموصليّ عن مروان بن أبي حفصة، و
أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان قال حدّثني أبو بكر العامريّ عن الأثرم [1] عن
مروان بن أبي حفصة قال:
دخلت أنا و
طريح بن إسماعيل الثّقفي و الحسين بن مطير الأسدي في جماعة من الشعراء على الوليد
بن يزيد و هو في فرش قد غاب فيها، و إذا رجل عنده، كلّما أنشد شاعر شعرا، وقف
الوليد بن يزيد على بيت بيت من شعره و قال: هذا أخذه من موضع كذا و كذا، و هذا
المعنى نقله من موضع كذا و كذا من شعر فلان، حتى أتى على أكثر الشعر؛ فقلت: من
هذا؟ فقالوا: حمّاد الراوية. فلما وقفت بين يدي/ الوليد أنشده قلت: ما كلام هذا في
مجلس أمير المؤمنين و هو لحنة لحّانة؛ فأقبل الشيخ عليّ و قال: يا ابن أخي، إني
رجل أكلّم العامة فأتكلم بكلامها، فهل تروي من أشعار العرب شيئا؟ فذهب عنّي الشعر
كله إلا شعر ابن مقبل؛ فقلت له: نعم، شعر ابن مقبل؛ قال:
ثم جزت؛ فقال
لي: قف فوقفت؛ فقال لي: ما ذا يقول؟ فلم أدر ما يقول! فقال لي حماد: يا ابن أخي،
أنا أعلم الناس بكلام العرب. يقال: تراءى الموضعان إذا تقابلا.
سأل الهيثم
بن عديّ عن معنى شعر فعجز:
حدّثني عمّي
قال حدّثني الكراني عن العمري عن الهيثم بن عديّ قال:
قلت لحماد
الراوية يوما: ألق عليّ ما شئت من الشعر أفسّره لك؛ فضحك و قال لي: ما معنى قول
ابن مزاحم [3] الثّماليّ:
/ فلم أدر ما أقول؛ فقال: تخوّف: تنقّص. قال
اللّه عزّ و جلّ: أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ أي على تنقّص.
قال الهيثم: ما
رأيت رجلا أعلم بكلام العرب من حمّاد.
[1]
هو أبو الحسن علي بن المغيرة صاحب الأصمعي و أبي عبيدة، روى عن جماعة من العلماء و
عن فصحاء العرب، و توفي سنة ثلاثين و مائتين. (راجع «فهرست ابن النديم» ص 56 طبع
أوروبا).
[2] كذا في
«معجم ما استعجم». و حبر (بكسر أوّله و ثانيه و بالراء المهملة المشدّدة): جبل
لبني سليم و كذلك واهب. و هضب القليب:
ماء لبني
قنفذ من بني سليم، و هناك فتلت بنو قنفذ المقصص العامري. و المضيح (بضم أوّله و
فتح ثانيه و تشديد الياء المثناة المفتوحة بعدها حاء مهملة): ماء لبني البكاء.
و قد ورد هذا
البيت في الأصول محرّفا هكذا:
سلى الدار من خنبيّ خبير فذاهب
إذا ما رأى هضب القليب المصبح
[3] كذا في «مختار الأغاني» و هامش «لسان
العرب» (مادة سفن). و في جميع الأصول: «مزاحم». و قد نسب هذا البيت لذي الرمة كما
نسب لابن مقبل و لعبد اللّه بن عجلان النهدي. (راجع «اللسان» و «الصحاح» مادتي سفن
و خوف).
[4] التامك:
السنام. و القرد: المتلبد الصوف. و السفن: الحديدة التي تبرد بها القسيّ. و رواية
هذا البيت في «الصحاح» (مادتي سفن و خوف):