هو حمّاد بن
ميسرة، فيما ذكره الهيثم بن عديّ، و كان صاحبه و راويته و أعلم الناس به، و زعم
أنه مولى [بني] [1] شيبان. و ذكر المدائنيّ و القحذميّ أنه حماد بن سابور، و كان
من أعلم الناس بأيام العرب و أخبارها و أشعارها و أنسابها و لغاتها. و كانت ملوك
بني أمية تقدّمه و تؤثره و تستزيره، فيفد عليهم و ينادمهم و يسألونه عن أيام العرب
و علومها و يجزلون صلته.
حدّثنا محمد بن
العبّاس اليزيديّ و عمّي و إسماعيل العتكيّ قالوا حدّثنا الرّياشيّ قال:
قال الأصمعيّ:
كان حمّاد أعلم الناس إذا نصح. قال و قلت لحماد: ممن أنتم؟ قال: كان أبي من سبى
سلمان بن ربيعة، فطرحتنا [2] سلمان [3] لبني شيبان، فولاؤنا لهم. قال: و كان أبوه
يسمّى ميسرة، و يكنى أبا ليلى.
قال العتكيّ في
خبره: قال الرّياشيّ: و كذلك ذكر الهيثم بن عديّ في أمر حمّاد.
سأله الوليد
عن سبب تلقيبه بالراوية فأجابه:
أخبرني عمي قال
حدّثني الكراني قال حدّثنا العمري عن العتبيّ و الهيثم بن عديّ و لقيط [4] قالوا:
/ قال الوليد
بن يزيد لحمّاد الراوية: بم استحققت هذا اللقب فقيل لك الراوية؟ فقال: بأني أروي
لكل شاعر تعرفه يا أمير المؤمنين أو سمعت به، ثم أروي لأكثر منهم ممن تعرف أنك لم
تعرفه و لم تسمع به، ثم لا أنشد شعرا قديما و لا [5] محدثا إلا ميّزت القديم منه
من المحدث؛ فقال: إنّ هذا لعلم و أبيك كثير [6]! فكم مقدار ما تحفظ من الشعر؟ قال:
كثيرا، و لكني أنشدك على كل حرف من حروف المعجم مائة/ قصيدة كبيرة سوى المقطّعات
من شعر الجاهلية دون شعر الإسلام؛ قال: سأمتحنك في هذا، و أمره بالإنشاد؛ فأنشد
الوليد حتى ضجر، ثم وكّل به من استحلفه أن يصدقه عنه و يستوفى عليه؛ فأنشده ألفين
و تسعمائة قصيدة للجاهليين، و أخبر الوليد بذلك، فأمر له بمائة ألف درهم.
[1]
زيادة عن ح و «مختار الأغاني» و «تجريد الأغاني».
[3] كذا في
أ، ء، م. و في سائر الأصول: «سهمان» و هو تحريف.
[4] هو أبو هلال
لقيط بن بكر المحاربي الكوفي من بني محارب، من الرواة للعلم المصنفين للكتب، و كان
شاعرا سيّئ الخلق، عاش إلى سنة تسعين و مائة، و له من الكتب: «كتاب السمر»، و
«كتاب الحراب و اللصوص»، و «كتاب أخبار الجن». (راجع «فهرست ابن النديم» ص 94 طبع
أوروبا).
[5] كذا في
أ، ء، م. و في سائر الأصول: «شعرا لقديم و لا محدث».
[6] كذا في
«تجريد الأغاني» و «مختار الأغاني». و في الأصول: «كبير» (بالباء الموحدة) و هو
تصحيف.