له
الوليد: عدّة جماله خمسة عشر جملا فاردده [1] إليّ؛ فلم أوجد، لأنه لم يكن في
الرّفقة من معه خمسة عشر جملا، و لم يعرف/ اسمي فيسأل عنّي. قال: و أقامت الجارية
عنده شهرا لا يسأل عنها، ثم دعاها بعد أن استبرئت [2] و أصلح من شأنها، فظلّ معها
يومه، حتى إذا كان في آخر نهاره قال لها: غنّيني لدحمان فغنّت؛ و قال لها: زيديني
فزادت. ثم أقبلت عليه فقالت: يا أمير المؤمنين، أ و ما سمعت غناء دحمان منه؟ قالا
لا؛ قالت: بلى و اللّه؛ قال: أقول لك لا، فتقولين بلى و اللّه! فقالت: بلى و اللّه
لقد سمعته؛ قال: و ما ذاك؟ ويحك! قالت: إنّ الرجل الذي اشتريتني منه هو دحمان؛
قال: أو ذلك هو؟ قالت: نعم، هو هو؛ قال: فكيف لم أعلم؟ قالت:
غمزني بألّا
أعلمك. فأمر فكتب إلى عامل المدينة بأن يحمل إليه دحمان، فحمل فلم يزل عنده أثيرا
[3].
دحمان في
مجلس أمير من أمراء المدينة:
أخبرني محمد بن
مزيد بن أبي الأزهر قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه قال حدّثنا ابن جامع قال:
/ تذاكروا يوما
كبر الأيور بحضرة بعض أمراء المدينة فأطالوا القول؛ ثم قال بعضهم: إنما يكون كبر
أير الرجل على قدر حر أمّه؛ فالتفت الأمير إلى دحمان فقال: يا دحمان، كيف أيرك؟
فقال له: أيها الأمير، أنت لم ترد أن تعرف كبر أيري، و إنما أردت أن تعرف مقدار حر
أمّي. و كان دحمان طيّبا ظريفا.
ظرفه و فكاهة
له مع رجل شتمه:
أخبرني إسماعيل
بن يونس قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني إسحاق قال:
أوّل ما عرف من
ظرف دحمان أنّ رجلا مرّ به يوما، فقال له: أير حماري في حر أمّك يا دحيم؛ فلم يفهم
ما قاله، و فهمه رجل كان حاضرا معه فضحك؛ فقال: ممّ ضحكت؟ فلم يخبره؛ فقال له:
أقسمت عليك إلّا أخبرتني؛ قال: إنه شتمك فلا أحبّ استقبالك بما قاله لك؛ فقال: و
اللّه لتخبرنّي كائنا ما كان؛ فقال له: قال: كذا و كذا من حماري في حر أمّك؛ فضحك
ثم قال: أعجب و اللّه و أغلظ عليّ من شتمه كنايتك عن أير حماره و تصريحك بحر أمّي
لا تكني.
جعفر بن
سليمان أمير المدينة و المغنون:
أخبرني محمد بن
خلف وكيع قال حدّثني أبو خالد يزيد بن محمد المهلّبيّ قال حدّثني إسحاق الموصليّ
قال حدّثنا عبد اللّه بن الرّبيع المديني [4] قال حدّثني الرّبعيّ المغنّي قال:
قال لنا جعفر
بن سليمان و هو أمير المدينة: اغدوا على قصري بالعقيق غدا؛ و كنت أنا و دحمان و
عطرّد، فغدوت للموعد، فبدأت بمنزل دحمان و هو في جهينة [5]، فإذا هو و عطرّد قد
اجتمعا على قدر يطبخانها، و إذا السماء تبغش [6]، فأذكرتهما الموعد، فقالا: أما
ترى يومنا هذا ما أطيبه! اجلس حتى نأكل من هذه القدر و نصيب
[1]
كذا في أكثر الأصول و «تجريد الأغاني». و في ب، س: «فارددها»، و هو تحريف.
[2] استبراء
الرجل الجارية: ألا يمسها بعد ملكها حتى تبرأ رحمها و يتبين حالها أ هي حامل أم
لا.
[3] كذا في
أكثر الأصول. و الأثير: المكرم. و في ب، س: «أسيرا»، و هو تحريف.