قال: و لم
يصحّح عامر و لا مسمع غير هذه الثلاثة الأبيات. و زعم أبو برزة قال: كان أوّل فارس
لقي مهلهلا يوم واردات بجير بن الحارث بن عباد، فقال: من خالك يا غلام، و بوّأ
نحوه [5] الرمح؛ فقال له امرؤ القيس بن أبان التّغلبيّ- و كان على [6] مقدّمتهم في
حروبهم-: مهلا يا مهلهل! فإنّ عمّ هذا و أهل بيته قد اعتزلوا حربنا و لم يدخلوا في
شيء مما نكره، و و اللّه لئن قتلته ليقتلنّ به رجل لا يسأل عن نسبه؛ فلم يلتفت
مهلهل إلى قوله و شدّ عليه فقتله، و قال: بؤ بشسع نعل كليب؛ فقال الغلام: إن رضيت
بهذا بنو ثعلبة [7] فقد رضيته. قال: ثم غبروا زمانا، ثم لقي همّام بن مرّة فقتله
أيضا. فأتى الحارث بن عباد فقيل له: قتل مهلهل هماما؛ فغضب و قال: ردّوا الجمال
على عكرها [8] «الأمر [9] مخلوجة ليس بسلكي»؛ و جدّ في قتالهم. قال مقاتل:/ فكان
حكم بكر بن وائل يوم قضة الحارث بن عباد؛ و كان الرئيس الفند، و كان فارسهم جحدر،
و كان شاعرهم سعد بن مالك بن ضبيعة، و كان الذي سدّ الثنيّة عوف بن مالك بن ضبيعة؛
و كان عوف أنبه من أخيه سعد. و قال فراس بن خندق [10]: بل كان رئيسهم يوم قضة
الحارث بن عباد. قال مقاتل: فأسر الحارث بن عباد عديّا- و هو مهلهل- بعد انهزام
الناس و هو لا يعرفه؛/ فقال له: دلّني على المهلهل؛ قال: ولي دمي؟ قال: و لك دمك؛
قال: و لي ذمّتك و ذمّة أبيك؟ قال: نعم، ذلك لك؛ قال: فأنا مهلهل. قال: دلّني على
كفء لبجير؛ قال: لا أعلمه إلا امرأ القيس بن أبان، هذاك علمه؛ فجزّ ناصيته [11] و
قصد قصد امرئ القيس فشدّ عليه فقتله. فقال الحارث في ذلك:
[1]
الغرة: العبد و الأمة. و معنى هذا البيت معنى الذي قبله.
[2] في م:
«فدعا بالرجل» بالجيم. و من معاني الرجل (بالكسر): الجيش، شبه لكثرته برجل الجراد
و هو الكثير منه.
[7] كذا في
أكثر الأصول. و ثعلبة جدّ أعلى من جدود آل عباد الذين منهم بجير هذا، إذ آل عباد
من ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، و ينتهي نسب ثعلبة إلى بكر بن وائل. و في ب، س: «بنو
تغلب»، و هو تحريف.
[8] العكر:
(محركة و قد تسكن) جمع عكرة: و هي القطيع الضخم من الإبل، أي ردوا ما تفرق من
الإبل إلى معظمها.
[9] في «لسان
العرب» (مادة خلج): «الرأي مخلوجة ليس بسلكي». و في «فرائد اللآل» (ص 32) «و مجمع
الأمثال» (ج 1 ص 29):
«الأمر سلكى
و ليس بمخلوجة». و السلكى: الطعنة المستقيمة و هي التي تقابل المطعون فتكون أسلك
فيه. و المخلوجة: المعوجة.