و يئست منك فكلّ عسر باسط
كفّا إليّ و كلّ يسر أقطع [1]
من بعد أخذي من حبالك بالّذي
قد كنت أحسب أنّه لا يقطع
فاربب [2] صنيعك بي فإنّ بأعين
للكاشحين و سمعهم [3] ما تصنع
أدفعتني حتى انقطعت و سدّدت
عني الوجوه و لم يكن لي مدفع
و رجيت و اتّقيت يداي و قيل قد
أمسى يضرّ إذا أحبّ و ينفع
و دخلت في حرم الذّمام و حاطني
خفر أخذت به و عهد مولع
أ فهادم ما قد بنيت و خافض
شرفي و أنت لغير ذلك أوسع
أ فلا خشيت شمات قوم فتّهم
سبقا و أنفسهم عليك تقطّع
و فضلت في الحسب الأشمّ عليهم
و صنعت في الأقوام ما لم يصنعوا [4]
فكأنّ آنفهم بكلّ صنيعة
أسديتها و جميل فعل [5] تجدع
ودّوا لو أنّهم ينال أكفّهم
شلل و أنكّ عن صنيعك تنزع
أو تستليم [6] فيجعلونك أسوة
و أبى الملام لك النّدى و الموضع
قال: فقرّبه و أدناه، و ضحك إليه، و عاد له إلى ما كان عليه.
عاتبه المنصور في شعر مدح به الوليد فأحسن الاعتذار:
أخبرني حبيب بن نصر المهلّبيّ قال حدّثنا عبد اللّه بن شبيب قال حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن حمزة بن عتبة اللّهبيّ عن أبيه:
أنّ طريحا دخل على أبي جعفر المنصور و هو في الشّعراء؛ فقال له: لا حيّاك اللّه و لا بيّاك! أ ما اتّقيت اللّه- ويلك!- حيث تقول للوليد بن يزيد:
/
لو قلت للسيل دع طريقك و ال
موج عليه كالهضب يعتلج
لساخ و ارتدّ [7] أو لكان له
في سائر الأرض عنك منعرج
فقال له طريح: قد علم اللّه عزّ و جلّ أنّي قلت ذاك و يد ممدودة إليه عزّ و جلّ، و إيّاه تبارك و تعالى عنيت. فقال المنصور: يا ربيع، أما ترى هذا التخلّص!
[2] اربب صنيعك: زده.
[3] كذا في م. و في سائر النسخ: «و سمعها».
[4] في م: «ما لا يصنع».
[5] كذا في ح. و في سائر النسخ: «و جميل فعلك».
[6] تستليم: تفعل ما تستحق عليه اللوم؛ فكأنك تطلب إلى الناس أن يلوموك.
[7] في هامش ط كتبت هذه العبارة: «الصحيح: لارتد أو ساخ أو لكان له». و هي أيضا رواية «اللسان» (مادة ولج).