إيّاك لم يندمل- يعني خبره معه بحضرة عبد اللّه بن جعفر، و ذكره
لعمّته الفارعة- فاربح نفسك و أقبل على شأنك؛ فإنّه لا قيام لك بمن يفهمك فهمي. و
قال له الدّلال: يا أخا الأنصار! إنّ أبا عبد النّعيم أعلم بك منّي، و سأعلمك بعض
ما أعلم به. ثم اندفع و نقر بالدّفّ، و كلّهم ينقر بدفّه معه، فتغنّى:
لحن الدّلال في
هذه الأبيات هزج بالبنصر عن يحيى المكيّ و حمّاد.
استدعاه
سليمان بن عبد الملك سرا فغناه فطرب و أعاده إلى الحجاز مكرما:
أخبرني الحسين
بن يحيى عن حمّاد عن أبيه عن أبي عبد اللّه الجمحيّ عن محمد بن عثمان عن عبد
الرحمن بن الحارث بن هشام قال: سمعت عمّي عتبة يقول حدّثني مولى للوليد بن عبد
الملك قال:
كان الدّلال
ظريفا جميلا حسن البيان، من أحضر الناس جوابا و أحجّهم؛ و كان سليمان بن عبد الملك
قد رقّ له حين خصي غلطا، فوجّه إليه مولى له و قال له: جئني به سرّا، و كانت تبلغه
نوادره و طيبه، و حذّر رسوله أن يعلم بذلك أحد. فنفذ المولى إليه و أعلمه ما أمره
به، و أمره بالكتمان و حذّره أن يقف على مقصده أحد، ففعل. و خرج به إلى الشام،
فلمّا قدم أنزله المولى منزله المولى منزله و أعلم سليمان بمكانه؛ فدعا به ليلا
فقال: ويلك ما خبرك؟
فقال: جببت من
القبل مرّة أخرى يا أمير المؤمنين، فهل تربد أن تجبّني المرّة من الدّبر؟! فضحك و
قال: اعزب أخزاك اللّه! ثم قال له: غنّ. فقال: لا أحسن إلّا بالدّفّ. فأمر فأتي له
بدفّ؛ فغنّى في شعر العرجيّ:
[6] الأقرب
أن يكون «بيض عقائقه» مرتبطا بالموضع الذي قبله، و أن يكون المراد بالعقائق:
النهاء (جمع نهي بكسر أوّله و فتحه) الغدران في الأخاديد المنعقة (العميقة).