/ قدم بالأسارى/ حين قدم بهم، و سودة بنت زمعة (زوج النبيّ صلّى
اللّه عليه و سلّم) عند آل عفراء في مناحتهم على عوف و معوّذ ابني عفراء، و ذلك
قبل أن يضرب عليهنّ الحجاب. قال: تقول سودة: و اللّه إنّي لعندهم إذ أتينا، فقيل:
هؤلاء الأسارى
قد أتي بهم، فرحت إلى بيتي و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فيه، و إذا أبو
يزيد سهيل بن عمرو في ناحية الحجرة مجموعة يداه إلى عنقه بحبل. قالت: فو اللّه ما
ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد كذلك أن قلت: يا أبا يزيد، أعطيتم بأيديكم، أ لا متّم
كراما! فو اللّه ما أنبهني إلّا قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم من البيت:
«يا سودة أعلى اللّه و على رسوله»! قالت فقلت: يا رسول اللّه، و الذي بعثك بالحقّ
ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه بحبل أن قلت ما قلت.
إخبار
الحيسمان أهل مكة عن قتلى بدر:
قال محمد بن
إسحاق: و كان أوّل من قدم مكة بمصاب قريش، الحيسمان [1] بن عبد اللّه بن إياس بن
ضبيعة بن رومان بن كعب بن عمرو الخزاعيّ. قالوا: ما وراءك؟ قال: قتل عتبة بن
ربيعة، و شيبة بن ربيعة، و أبو الحكم بن هشام، و أميّة بن خلف، و زمعة بن الأسود،
و أبو البختريّ بن هشام، و نبيه و منبّه ابنا الحجّاج. قال: فلمّا جعل يعدّد أشراف
قريش قال صفوان بن أميّة و هو قاعد في الحجر: و اللّه إن يعقل هذا فسلوه عنّي.
قالوا: ما فعل صفوان بن أميّة؟ قال: هو ذلك جالس في الحجر، و قد و اللّه رأيت أباه
و أخاه حين قتلا.
أبو لهب و
تخلفه عن الحرب ثم موته:
قال محمد بن
إسحاق حدّثني حسين بن عبد اللّه بن عبيد اللّه بن عبّاس عن عكرمة [2] مولى ابن
عبّاس قال:
قال أبو رافع
مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: كنت غلاما للعبّاس بن عبد المطّلب، و كان
الإسلام قد دخلنا أهل البيت، [فأسلم العبّاس] [3] و أسلمت أمّ الفضل، و أسلمت، و
كان العبّاس يهاب قومه، و يكره خلافهم، و كان يكتم إسلامه، و كان ذا مال كثير
متفرّق في قومه، و كان أبو لهب عدوّ اللّه قد تخلّف عن بدر، و بعث مكانه العاصي بن
هشام بن المغيرة، و كذلك صنعوا، لم يتخلّف رجل إلّا بعث مكانه رجلا. فلمّا جاء
الخبر عن مصاب أهل بدر من قريش، كبته اللّه و أخزاه، و وجدنا في أنفسنا قوّة و
عزّا؛ و كنت رجلا ضعيفا، و كنت أعمل القداح أنحتها في حجرة زمزم؛ فو اللّه إنّي
لجالس فيها أنحت القداح، و عندي أمّ الفضل جالسة و قد سرّنا ما جاءنا من الخبر، إذ
أقبل الفاسق أبو لهب يجرّ رجليه يسير [4] حتى جلس على طنب الحجرة، فكان ظهره إلى
ظهري. فبينا هو جالس إذ قال الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب قد
قدم؛ فقال أبو لهب: هلمّ إليّ يا بن أخي، فعندك لعمري الخبر. فجلس
()
الحارث بن يزيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار، و لم يكن لأسعد بن زرارة ذكر و
ليس له عقب إلا ولادات بناته هؤلاء، و العقب لأخيه سعد من زرارة».
[1] كذا في
«تاريخ الطبري» (ص 1338 من القسم الأوّل طبع أوروبا) و «سيرة ابن هشام» (ص 460) و
«شرح القاموس» مادة «حسم».
و في الأصول:
«الحيثمان» بالثاء المثلثة، و هو تحريف. ثم ذكر الطبري خلافا في نسب الحيسمان هذا
فقال: «و قال الواقديّ:
الحيسمان بن
حابس الخزاعي». و في «الاشتقاق» لابن دريد (ص 280): «الحيسمان بن عمرو». و في «أسد
الغابة»: «الحيسمان بن إياس بن عبد اللّه بن إياس بن ضبيعة بن عمرو بن مازن». و
ذكر في «الإصابة» في نسبه أقوالا كثيرة، فراجعها.
[2] كذا في
«سيرة ابن هشام». و في سائر النسخ: «عن عكرمة بن إسحاق مولى ابن عباس» تحريف.