وجدت ما وعدني ربّي حقّا» قال المسلمون: يا رسول اللّه، أ تنادي قوما
قد جيّفوا! فقال: «ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، و لكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني».
قال محمد بن
إسحاق و حدّثني بعض أهل العلم: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يوم قال هذه
المقالة قال: «يا أهل القليب بئس عشيرة النبيّ كنتم لنبيّكم! كذّبتموني و صدّقني
الناس، و أخرجتموني و آواني الناس، و قاتلتموني و نصرني الناس». ثم قال: «هل وجدتم
ما وعدكم ربّكم حقّا» للمقالة التي قالها. و لمّا أمر بهم رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و سلّم أن يلقوا في القليب، أخذ عتبة فسحب إلى القليب، فنظر رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و سلّم، فيما بلغني، إلى وجه أبي حذيفة بن عتبة، فإذا هو كثيب قد
تغيّر؛ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «يا أبا حذيفة لعلّك قد دخلك من
شأن أبيك شيء» أو كما قال. قال فقال: لا و اللّه يا رسول اللّه ما شككت في أبي و
لا في مصرعه، و لكنّني كنت أعرف من أبي رأيا و فضلا و حلما، فكنت أرجو أن يهديه
اللّه إلى الإسلام، فلمّا رأيت ما أصابه و ذكرت ما مات عليه من الكفر بعد الذي كنت
أرجو له، أحزنني [1] ذلك. قال: فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم له بخير و
قال له خيرا.
اختلاف
المسلمين على الفيء:
ثم إنّ رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أمر بما في العسكر مما جمع الناس فجمع، و اختلف
المسلمون فيه: فقال من جمعه: هو لنا، و قد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم
نفّل كلّ امرئ ما أصاب. فقال الذين كانا يقاتلون العدوّ و يطلبونهم: لو لا نحن ما
أصبتموه، لنحن شغلنا القوم عنكم حتّى أصبتم ما أصبتم. و قال [2] الذين كانوا
يحرسون رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم مخافة أن يخالف [3] إليه العدوّ: و
اللّه ما أنتم بأحقّ منّا، و لقد رأينا أن نقتل العدوّ إذ ولّانا اللّه و منحنا
أكتافهم، و لقد رأينا أن تأخذ المتاع حين لم يكن دونه من يمنعه، و لكن خفنا على
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم كرّة العدوّ، فقمنا دونه، فما أنتم بأحقّ به
منّا.
مقتل النضر
بن الحارث:
قال ابن إسحاق
و حدّثني عاصم بن عمر بن قتادة و يزيد بن رومان: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
سلّم جمع الأسارى من المشركين، و كانوا أربعة و أربعين أسيرا، و كان من القتلى مثل
ذلك، و في الأسارى عقبة بن أبي معيط، و النّضر بن الحارث بن كلدة، حتّى إذا كان
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بالصّفراء، قتل النّضر بن الحارث بن كلدة، قتله
عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه.
تعنيف سودة
لسهيل بن عمرو حين أسر و عتاب النبيّ لها في ذلك:
قال محمد بن
إسحاق حدّثني عبد اللّه بن أبي بكر عن يحيى بن عبد اللّه بن عبد الرحمن بن سعد [4]
بن زرارة قال:
[1]
كذا في «السيرة». و في الأصول: «فلما رأيت ما أصابه ذكرت ...... فحزنني ذلك».
[4] في
الأصول: «أسعد» و هو خطأ؛ و التصويب عن «طبقات ابن سعد» (ج 3 ص 138 من القسم
الثاني طبع أوروبا). قال ابن سعد ما نصه: «و كان لأسعد بن زرارة من الولد حبيبة
مبايعة، و كبشة مبايعة، و الفريعة مبايعة؛ و أمهم عميرة بنت سهل بن ثعلبة بن