قال: فقال رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «يا حسان نفست [2] عليّ إسلام قومي» و أغضبه كلامه.
فغدا صفوان بن المعطّل السّلميّ على حسّان فضربه بالسيف. و قال صفوان:
تلقّ ذباب السّيف عنّي فإنني
غلام إذا هو جيت لست بشاعر
فوثب قومه على
صفوان فحبسوه، ثم جاءوا سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي حزيمة [3] بن ثعلبة
بن طريف [4] بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن
عامر، و هو مقبل على ناضحه بين القربتين، فذكروا له ما فعل حسّان و ما فعلوا؛
فقال: أ شاورتم في ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم؟ قالوا لا. فقعد إلى
الأرض. و قال: و انقطاع ظهراه! أ تأخذون بأيديكم و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
سلّم بين ظهرانيكم! و دعا بصفوان فأتي به، فكساه و خلّاه. فجاء إلى النبيّ صلّى
اللّه عليه و سلّم؛ فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «من كساك كساه
اللّه». و قال حسّان لأصحابه: احملوني إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم/
أترضّاه ففعلوا؛ فأعرض عنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فردّوه. ثم سألهم
فحملوه إليه الثانية؛ فأعرض عنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فانصرفوا به.
ثم قال لهم: عودوا بي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم؛ فقالوا له: قد جئنا
بك مرّتين كلّ ذلك يعرض فلا نبرمه [5] بك. فقال: احملوني إليه هذه المرّة وحدها،
ففعلوا. فقال: يا رسول اللّه، بأبي أنت و أمّي! احفظ قولي:
هجوت محمدا فأجبت عنه
و عند اللّه في ذاك الجزاء
فإنّ أبى و والده و عرضي
لعرض محمد منكم وقاء
/ فرضي عنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم
و وهب له سيرين [6] أخت مارية أمّ ولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إبراهيم.
هذه رواية مصعب [7]. و أمّا الزّهريّ فإنّه ذكر أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و
سلّم لمّا بلغه ضرب السّلميّ حسّان قال لهم: «خذوه فإن هلك حسّان فاقتلوه». فأخذوه
فأسروه و أوثقوه؛ فبلغ ذلك سعد بن عبادة، فخرج في قومه إليهم فقال: أرسلوا الرجل،
فأبوا عليه؛ فقال: أ عمدتم إلى قوم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم تؤذونهم و
تشتمونهم و قد زعمتم أنّكم نصرتموهم! أرسلوا الرجل؛ فأبوا عليه حتى كاد يكون قتال،
ثم أرسلوه. فخرج به سعد إلى أهله فكساه حلّة، ثم أرسله سعد إلى أهله. فبلغنا أنّ
[1]
القسي: ثياب من كتان مخلوط بحرير يؤتى بها من مصر؛ نسبت إلى قرية على ساحل البحر
قريبا من تنّيس يقال لها القس (بفتح القاف و كسرها).
[6] كذا في
الأصول و «سيرة ابن هشام» (ص 739 طبع أوروبا) و «الطبري» (ص 1528، 1591، 1781 قسم
أوّل) و «الإصابة» لابن حجر العسقلاني (ج 8 ص 118) و «التنبيه» للبكري (ص 76 طبع
دار الكتب المصرية)، و ضبطها الزرقاني أيضا في «شرحه على المواهب» (ج 3 ص 325 طبع
بولاق) بقوله: «سيرين بكسر السين المهملة و سكون المثناة التحتية و كسر الراء». و
في «تاريخ ابن الأثير» (ج 2 ص 152) و «معجم البلدان» لياقوت (ج 1 ص 784): «شيرين
بالشين المعجمة.