قال: و كان
عليّ بن يقطين صديقا لأبي العتاهية، و كان يبرّه في كل سنة ببرّ واسع، فأبطأ عليه
بالبرّ في سنة من السنين، و كان إذا لقيه أبو العتاهية أو دخل عليه يسرّ به و يرفع
مجلسه و لا يزيده على ذلك. فلقيه ذات يوم و هو يريد دار الخليفة، فاستوقفه فوقف
له، فأنشده:
حتّى متى ليت شعري يا بن يقطين
أثني عليك بما لا منك توليني
إنّ السّلام و إنّ البشر من رجل
في مثل ما أنت فيه ليس يكفيني
هذا زمان ألحّ الناس فيه على
تيه الملوك و أخلاق المساكين
/ أ ما
علمت جزاك اللّه صالحة
و زادك اللّه فضلا يا بن يقطين
أنّي أريدك للدّنيا و عاجلها
و لا أريدك يوم الدّين للدين
فقال عليّ بن
يقطين: لست و اللّه أبرح و لا تبرح من موضعنا هذا إلا راضيا، و أمر له بما كان
يبعث به إليه في كل سنة، فحمل من وقته و عليّ واقف إلى أن تسلّمه.
نظم شعرا في
الحبس فلما سمعه الرشيد بكى و أطلقه:
و أخبرني محمد
بن جعفر النحويّ صهر المبرّد قال حدّثنا محمد بن يزيد قال:
بلغني من غير
وجه: أنّ الرشيد لمّا ضرب أبا العتاهية و حبسه، وكّل به صاحب خبر يكتب إليه بكل ما
يسمعه. فكتب إليه أنه سمعه ينشد:
أما و اللّه إنّ الظلم لوم
و ما زال المسيء هو الظّلوم
إلى ديّان يوم الدين نمضي
و عند اللّه تجتمع الخصوم
قال: فبكى
الرشيد، و أمر بإحضار أبي العتاهية و إطلاقه، و أمر له بألفي دينار.
رماه منصور
بن عمار بالزندقة و شنع عليه فاحتقره العمامة:
أخبرني محمد بن
جعفر قال حدّثني محمد بن موسى عن أحمد بن حرب عن محمد بن أبي العتاهية قال: