ملّاح يعبّر النّاس، فلجأنا إليه فسألناه عن الطريق، فجعل يضعّف
رأينا و يعجّزنا في بذلنا أنفسنا في ذلك الغيم للصيد حتى أبعدنا،/ ثم أدخلنا كوخا
له. و كاد المهديّ يموت بردا؛ فقال له: أغطّيك بجبّتي هذه الصوف؟ فقال نعم؛ فغطّاه
بها، فتماسك قليلا و نام. فافتقده غلمانه و تبعوا أثره حتى جاءونا. فلمّا رأى
الملّاح كثرتهم علم أنه الخليفة فهرب، و تبادر الغلمان فنحّوا الجبّة عنه و ألقوا
عليه الخزّ و الوشي. فلما انتبه قال لي: ويحك! ما فعل الملّاح؟ فقد و اللّه وجب
حقّه علينا. فقلت: هرب و اللّه خوفا من قبح ما خاطبنا به. قال: إنّا للّه! و اللّه
لقد أردت أن أغنيه، و بأيّ شيء/ خاطبنا! نحن و اللّه مستحقّون لأقبح مما خاطبنا
به! بحياتي عليك إلّا ما هجوتني. فقلت: يا أمير المؤمنين، كيف تطيب نفسي بأن
أهجوك! قال: و اللّه لتفعلنّ؛ فإني ضعيف الرأي مغرم بالصّيد. فقلت:
فقال: ويلك!
هذا معنى سوء يرويه عنك الناس، و أنا استأهل. زدني شيئا آخر. فقلت: أخاف أن تغضب.
قال: لا و
اللّه. فقلت:
كم من عظيم القدر في نفسه
قد نام في جبّة ملّاح
فقال: معنى سوء
عليك لعنة اللّه! و قمنا و ركبنا و انصرفنا.
وقعت في عسكر
المأمون رقعة فيها شعره فوصله:
أخبرني عليّ بن
سليمان الأخفش قال حدّثنا محمد بن يزيد قال حدّثنا جماعة من كتّاب الحسن بن سهل
قالوا:
وقعت رقعة فيها
بيتا شعر في عسكر المأمون؛ فجيء بها إلى مجاشع بن مسعدة، فقال: هذا كلام أبي
العتاهية، و هو صديقي، و ليست المخاطبة لي و لكنّها للأمير الفضل بن سهل. فذهبوا
بها، فقرأها و قال: ما أعرف هذه العلامة. فبلغ المأمون خبرها فقال: هذه إليّ و أنا
أعرف العلامة. و البيتان: