أخبرنا هاشم بن
محمد الخزاعيّ قال حدّثنا الرّياشيّ عن الأصمعيّ قال:
لما أنشد بشّار
أرجوزته:
يا طلل الحيّ بذات الصّمد
أبا الملدّ [1]
عقبة بن سلّم أمر له بخمسين ألف درهم، فأخّرها عنه وكيله ثلاثة أيام، فأمر غلامه
بشّار أن يكتب على باب عقبة عن يمين الباب:
ما زال ما منّيتني من همّي
و الوعد غمّ فأزح من غمّي
إن لم ترد حمدي فراقب ذمّي
فلما خرج عقبة
رأى ذلك، فقال: هذه من فعلات بشّار، ثم دعا بالقهرمان [2]، فقال: هل حملت/ إلى
بشّار ما أمرت له به؟ فقال: أيها الأمير نحن مضيقون [3] و غدا أحملها إليه؛ فقال:
زد فيها عشرة آلاف درهم و احملها إليه الساعة؛ فحملها من وقته.
نهي المهدي
له عن التشبيب بالنساء و سبب ذلك:
أخبرني هاشم
قال حدّثنا أبو غسّان دماذ قال:
سألت أبا عبيدة
عن السبب الذي من أجله نهى المهديّ بشّارا عن ذكر النساء قال: كان أوّل ذلك
استهتار نساء البصرة و شبّانها بشعره، حتى قال سوّار بن عبد اللّه الأكبر و مالك
بن دينار؛ ما شيء أدعى لأهل هذه المدينة إلى الفسق من أشعار هذا الأعمى؛ و ما
زالا يعظانه؛ و كان واصل بن عطاء يقول: إنّ من أخدع حبائل الشيطان و أغواها لكلمات
هذا الأعمى الملحد. فلما كثر ذلك و انتهى خبره من وجوه كثيرة إلى المهديّ، و أنشد
المهديّ ما مدحه به، نهاه عن ذكر النساء و قول التشبيب، و كان المهديّ من أشدّ
الناس غيرة؛ قال: فقلت له: ما أحسب شعر/ هذا أبلغ في هذه المعاني من شعر كثيّر و
جميل و عروة بن حزام و قيس بن ذريح و تلك الطبقة؛ فقال: ليس كلّ من يسمع تلك
الأشعار يعرف المراد منها، و بشّار يقارب النساء حتى لا يخفى عليهنّ ما يقول و ما
يريد، و أيّ حرّة حصان تسمع قول بشّار فلا يؤثّر في قلبها، فكيف بالمرأة الغزلة و
الفتاة التي لا همّ لها إلا الرجال! ثم أنشد قوله: