فلم يركب القبّة [1] و ركب نجيبا فسار بيننا، فجعلت الشمس تضحك [2]
بين عينيه، فقال: إني قائل بيتا فمن أجازه وهبت له جبّتي هذه؛ فقلنا: يقول أمير
المؤمنين، فقال:
فنزع الجبّة و
هو راكب فدفعها إليه. فقلت لبشّار بعد ذلك: ما فعلت بالجبّة؟ فقال بشّار: بعتها و
اللّه بأربعمائة دينار.
كان له شعر
غث يعير به:
أخبرني أحمد بن
العباس العسكريّ قال حدّثنا الحسن بن عليل العنزيّ قال حدّثني عليّ بن محمد
النّوفليّ قال حدّثني عبد الرحمن بن العباس بن الفضل بن عبد الرحمن بن عيّاش بن
أبي ربيعة [4] عن أبيه قال:
كان بشّار
منقطعا إليّ و إلى إخوتي فكان يغشانا كثيرا، ثم خرج إبراهيم بن عبد اللّه فخرج معه
عدّة منّا، فلما قتل إبراهيم توارينا، و حبس المنصور منّا عدّة من إخوتي، فلما ولي
المهديّ أمّن الناس جميعا و أطلق المحبوسين، فقدمت بغداد أنا و إخوتي نلتمس أمانا
من المهديّ، و كان الشعراء يجلسون بالليل في مسجد [5] الرّصافة ينشدون و يتحدّثون،
فلم أطلع بشّارا على نفسي إلا بعد أن أظهر لنا المهديّ الأمان، و كتب أخي إلى
خليفته بالليل، فصحت به: يا أبا معاذ من الذي يقول:
أحبّ الخاتم الأحم
ر من حبّ مواليه
/ فأعرض عنّي و أخذ في بعض إنشاده شعره، ثم
صحت: يا أبا معاذ من الذي يقول:
[5] كذا في
ء، أ، ح. و في باقي النسخ: «سجن الرصافة» و هو تحريف، و الرصافة: اسم لمواضع كثيرة
و المرادة هنا هي «رصافة بغداد» بالجانب الشرقيّ، ذكرها ياقوت فقال: لما بنى
المنصور مدينته بالجانب الغربيّ و استتمّ بناءها أمر ابنه المهديّ أن يعسكر في
الجانب الشرقيّ و أن يبني له فيها دورا، و جعلها معسكرا له، فالتحق بها الناس و
عمروها، فصارت مقدار مدينة المنصور و عمل المهديّ بها جامعا أكبر من جامع المنصور
و أحسن. و كان فراغ المهدي من بناء الرصافة و الجامع بها في سنة 159 ه و هي السنة
الثانية من خلافته.
[6] كذا في
الأصول و في «زهر الآداب» ج 1 ص 206 طبع المطبعة الرحمانية.