قال: فضحك الوليد حتى سقط
على قفاه، و صفّق بيديه و رجليه، و أمر بالشراب فأحضر، و أمرني بالإنشاد، فجعلت
أنشده هذه الأبيات و أكرّرها عليه، و هو يشرب و يصفّق حتى سكر، و أمر لي بحلّتين و
ثلاثين ألف درهم، فقبضتها، ثم قال لي: ما فعل عمّار؟ فقلت: حيّ كميّت، قد عشي [1]
بصره، و ضعف جسمه و لا حراك به. فأمر له بعشرة آلاف درهم، فقلت له: أ لا أخبر أمير
المؤمنين بشيء يفعله لا ضرر عليه فيه،/ و هو أحبّ إلى عمّار من الدّنيا بحذافيرها
لو سيقت إليه؟ فقال: و ما ذاك؟ قلت: إنه لا يزال ينصرف من الحانات و هو سكران،
فترفعه الشّرط، فيضرب الحدّ، فقد قطّع بالسّياط، و هو لا يدع الشّراب و لا يكفّ
عنه. فتكتب بألّا يعرض له. فكتب إلى عامله بالعراق ألّا يرفع إليه أحد من الحرس عمّارا
في سكر و لا غيره إلا ضرب الرافع له حدّين و أطلق عمّارا.
فأخذت المال و جئته به، و
قلت له: ما ظننت أنّ اللّه يكسب أحدا بشعرك نقيرا [2] و لا يسأل عنه عاقل، حتى
كسبت بأوضع شيء قلته ثلاثين ألفا، قال: عزّ عليّ فذلك لقلّة شكرك يا بن الزانية
[3]، فهات نصيبي منها، فقلت:
لقد استغنيت عن ذلك بما
خصصت به، و دفعت إليه العشرة آلاف درهم. فقال: وصلك اللّه يا أخي و جزاك اللّه
خيرا، و لكنها سبب هلاكي و قتلي، لأني أشرب بها ما دام [4] معي منها درهم، و أضرب
أبدا حتى أموت، فقلت له:
لقد كفيتك ذلك، و هذا عهد
أمير المؤمنين ألّا تضرب، و أن يضرب كلّ من يرفعك حدّين: فقال: و اللّه لأنا أشدّ
فرحا بهذا من فرحي بالمال [5]، فجزيت خيرا من أخ و صديق؛ و قبض المال فلم يزل يشرب
حتى مات، و بقيّته عنده.
يهجو امرأته فتضربه
نسخت من كتاب الحزنبل
المشتمل على شعر عمّار و أخباره:
أنّ عمّارا ذا كبار كانت
له امرأة يقال لها دومة بنت رباح، و كان يكنّيها أمّ عمّار و كانت قد تخلّقت بخلقه
في شرب الشّراب و المجون و السّفه، حتى صارت [6] تدخل/ الرجال عليها و تجمعهم على
الفواحش، ثم حجّت في إمارة يوسف بن عمر [7] فقال لها عمار: