قلت: نعم. و كان عليّ
يومئذ [1] طيلسان لي أسمّيه من غلظه و ثقله «مقطّع الأزرار» [2] فخرجنا حتى جئنا إلى الجبّانة [3]، إلى
دار مسلم [4] بن يحيى الأرتّ صاحب الخمر، مولى بني زهرة [5] فأذن لنا، فدخلنا بيتا
طوله اثنتا عشرة ذراعا [6] في مثلها [7]، و سمكه في السماء ستّ عشرة [8] ذراعا، ما
فيه إلا نمرقتان قد ذهبت منهما [9] اللّحمة و بقي السّدى، و فراش محشوّ ليفا [10]،
و كرسيّان من خشب قد تقلّع [11] عنهما الصّبغ من قدمهما [12]/ و بينهما مرفقتان
محشوّتان باللّيف. ثم طلعت [13] علينا عجوز كلفاء [14] عجفاء، كأنّ شعرها شعر
ميّت، عليها قرقل [15] هرويّ أصفر غسيل [16]، كأنّ وركيها في خيط [17] من رسحها
[18] حتى جلست، فقلت لأبي السّائب: بأبي أنت و أميّ [19]؟ ما هذه؟ قال: اسكت:
فتناولت عودا فضربت، و غنّت:
بيد الذي شغف الفؤاد
بكم
فرج الذي ألقى من الهمّ
قال غرير: فحسنت- و اللّه
[20]-، في عيني، و جاء نقاء و صفاء [21]، فأذهب الكلف من وجهها، و زحف [22]، أبو
السّائب/ و زحفت معه. ثمّ غنّت [23]: