منافرته، فوجّه إليهم
قوما، و أمرهم أن يرفقوا بهم، فأتوا أخلاطا من بني تغلب من مشارق الخابور فأعلموهم
الذي وجّهوا به، فأبوا عليهم، فانصرفوا إلى زفر، فردّهم و أعلمهم أنّ المصعب كتب
إليه بذلك، و لا يجد بدّا من أخذ ذلك منهم أو محاربتهم، فقتلوا بعض الرسل.
و ذكر ابن الأصمّ:
أنّ زفر لمّا أتاه ذلك
اشتدّ عليه، و كره استفساد بني تغلب، فصار إليهم عمير بن الحباب فلقيهم قريبا من
ماكسين [1] على شاطئ الخابور، بينه و بين قرقيسيا مسيرة يوم، فأعظم فيها القتل.
أن القتل استحرّ ببني
عتّاب بن سعد، و النّمر، و فيهم أخلاط تغلب، و لكنّ هؤلاء معظم الناس، فقتلوهم بها
قتلا شديدا، و كان زفر بن يزيد أخو الحارث بن جشم له عشرون ذكرا لصلبه، و أصيب
يومئذ أكثرهم، و أسر القطاميّ الشاعر و أخذت إبله، فأصاب عمير و أصحابه شيئا كثيرا
من النّعم، و رئيس تغلب يومئذ عبد اللّه بن شريح بن مرّة بن عبد اللّه بن عمرو بن
كلثوم بن مالك بن عتّاب بن سعد بن زهير بن جشم، فقتل، و قتل أخوه، و قتل مجاشع بن
الأجلح، و عمرو بن معاوية من بني خالد بن كعب بن زهير، و عبد الحارث بن عبد المسيح
الأوسيّ، و سعدان بن عبد يسوع بن حرب [3]، و سعد ودّ بن أوس من بني جشم بن زهير، و
جعل عمير يصيح بهم: «ويلكم لا تستبقوا [4] أحدا» و نادى رجل من بني قشير يقال له
النّدّار: «أنا
[5] جار
لكلّ حامل أتتني، فهي آمنة»، فأتته الحبالى، فبلغني أنّ المرأة كانت تشدّ على
بطنها الجفنة من تحت ثوبها تشبيها بالحبلى بما جعل لهنّ. فلمّا اجتمعن له بقر/
بطونهنّ فأفظع ذلك زفر و أصحابه، و لام زفر عميرا فيمن بقر من النّساء، فقال ما
فعلته و لا أمرت به، فقال في ذلك الصفّار المحاربيّ: