أحسنتما إلى ابن عمكما،
فجعل ينحدر إليهما، حتى اطمأنّ، و غسلتا رأسه، و فلّتاه و دهنتاه، فقال الشيخ
لابنتيه:
أفلياه، و لا تدهناه إذا
أتاكما هذه المرة، و اعقدا خصل لمّته إذا نعس رويدا بخمل القطيفة.
ثم إذا شددنا عليه فأقلبا
القطيفة على وجهه، و خذا أنتما بشعره من ورائه فمدّا به إليكما، ففعلتا، و اجتمع
له أصحابه، فكروا إلى رحالهم قبل الوقت الذي كانوا يأتونها، و شدّوا عليه، فربطوه،
فدفعوه إلى عثمان بن حيّان، فقتله، فقالت بنت بهدل ترثيه:
: قال: و لما قال عبد الرحمن بن دارة ابن عم سالم بن دارة
هذه القصيدة [5] يحضّ عكلا على بني فقعس اعترض الكميت بن معروف الفقعسيّ، فعيره
بقتل سالم حين قتله زميل الفزاريّ، فقال قوله:
[1]
يعتلونه: من عتله يعتله- بمعنى قاده
بعنف و غلظة، الفنيق: فحل الإبل، المسدم: الهائج الممتنع ركوبه.
[2]
الحفيظة: الحرب، و يسلم- بالبناء
المجهول- بمعنى يسلم نفسه لأعدائه.
[3]
الغشمشم: المقدام الذي يقتحم الحروب
غير هياب، و في ف «كريمة» بدل «حفيظة».
[4]
جبر المشار إليه في البيت هو جبر بن
عبيد الذي دفع بهدلا إلى السلطان فقتله، بواء: كفء، لا تكايل في الدم: لا تقدر
الدماء بالكيل، و المعنى: أ ما كان في قيس رجل شجاع يقتل جبرا قاتل أبي، و إن لم
يكن كفؤا له، و لو كانت الدماء تكال ما أجزأت دماء جبر في دماء أبي، و المراد
بتقدير الدم الكيف لا الكم.
[5]
يعني القصيدة اللامية التي تقدم ذكرها
في أول الترجمة، و يلاحظ أنه هنا يقول «يحض بها عكلا على بني فقعس، و هناك قال:
«يحض بها عكلا على بني أسد».
[6]
في البيت اضطراب و خلاف كبير في رواية
ألفاظه، و الذي نرجحه في معناه هو ما يلي: القصاف: فرس مشهورة لبني قشير، الحمم:
ما خمد من النيران، يقول: إن القصاف أو قدت النيران بأرضكم، و ما جلا قومها قشير
عنكم، و لو أنكم شددتم في الحرب عليهم لأجليتموهم، و الكلام على سبيل التمثيل، فهو
لا يريد «قشيرا» و لكن يريد «فقعسا» أو «أسدا» على الخلاف الذي
تقدم ذكره.
[7]
يقول: إن يكن الفقعسي الذي أسلم
ندمائي باع دماءهم رخيصة فقد كانت دماؤكم تغلي حمية لأخذ الثأر، فما بالكم لا
تفعلون!.
[8]
ورد هذا البيت هنا و فيه إقواء، مع
أنه تقدم سالما من هذا الإقواء، فارجع إليه و إلى بقية الأبيات في القصيدة اللامية
التي تقدمت في مبدأ الترجمة.