responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 20  صفحه : 461

رأسها و ذنبها بين ثدييها. فهالنا ذلك و ارتحلنا [1].

فلم تزل منطوية عليها لا تضيرها حتى دخلنا الحرم فانسابت، فدخلنا مكة و قضينا نسكنا، فرآها الغريض فقال: أيّ شقيّة، ما فعلت حيتك؟ فقالت: في النار، قال: ستعلمين من أهل النار؟ و لم أفهم ما أراد، و ظننت أنه مازحها، و اشتقت إلى غنائه، و لم يكن بيني و بينه ما يوجب ذلك، فأتيت بعض أهله، فسألته ذلك، فقال نعم، فوجّه إليه أن اخرج بنا إلى موضع كذا، و قال لي: اركب بنا، فركبنا حتى سرنا قدر ميل، فإذا الغريض هناك، فنزلنا، فإذا طعام معدّ، و موضع حسن. فأكلنا و شربنا، ثم قال: يا أبا يزيد، هات بعض طرائفك فاندفع يغني، و يوقع بقضيب:

مرضت فلم تحفل عليّ جنوب‌

و أدنفت و الممشى إليّ قريب‌

فلا يبعد اللّه الشباب و قولنا

إذا ما صبونا صبوة سنتوب‌

فلقد سمعنا شيئا ظننت أن الجبال الّتي حولي تنطق معه: شجا صوت، و حسن غناء. و قال لي: أ تحب أن يزيدك [2]؟ فقلت: إي و اللّه. فقال: هذا ضيفك و ضيفنا، و قد رغب إليك و إلينا، فأسعفه بما يريد. فاندفع يغني بشعر مجنون بني عامر:

عفا اللّه عن ليلى الغداة فإنها

إذا وليت حكما عليّ تجور

أ أترك ليلى ليس بيني و بينها

سوى ليلة؟ إني إذا لصبور!

/ فما عقلت لما غنى من حسنه إلا بقول صاحبي: نجور عليك يا أبا يزيد. فقلت:

و ما معناك في ذلك؟ فقال: إن أبا يزيد عرّض بأني لما وليت الحكم عليه جرت في سؤالي إياه أكثر من صوت واحد. فقلت له- بعد ساعة- سرّا: جعلت فداءك، إني أريد المضي و أصحابي يريدون الرحلة، و قد أبطأت عليهم، فإن رأيت أن تسأله- حاطه اللّه من السوء و المكروه- أن يزوّدني لحنا واحدا. فقال لي: يا أبا يزيد، أتعلم ما أنهى إلينا ضيفنا؟ قال: نعم، أرادك أن تكلمني في أن أغنيه قلت: هو و اللّه ذلك، فاندفع يغني:

خذي العفو مني تستديمي مودتي‌

و لا تنطقي في سورتي حين أغضب‌

فإني رأيت الحب في الصدر و الأذى‌

إذا اجتمعا لم يلبث الحبّ يذهب‌

/ فقال: قد أخذنا العفو منك، و استدمنا مودتك، ثم أقبل علينا فقال: أ لا أحدثكم بحديث حسن؟ فقلنا:

بلى. قال: قال شيخ العلم و فقيه الناس و صاحب عليّ- صلوات اللّه عليه- و خليفة عبد اللّه بن العباس على البصرة أبو الأسود الدؤلي لابنته ليلة البناء [3]: أي بنيّة، النساء [4] كنّ بوصيتك و تأديبك أحقّ مني، و لكن لا بد مما لا بد منه. يا بنيّة، إن أطيب الطيب الماء، و أحسن الحسن الدهن، و أحلى الحلاوة الكحل. يا بنية، لا تكثري مباشرة زوجك فيملّك، و لا تباعدي عنه فيجفوك و يعتلّ عليك، و كوني كما قلت لأمّك:


[1] كذا في ب، س «ارتحلنا»، تحريف.

[2] في ف «نزيدك».

[3] ف «ليلة بها».

[4] ف «إن النساء».

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 20  صفحه : 461
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست